لبنى الخميس
في المقال الماضي تناولنا موضوع الانتظار، أنواعه، والعوامل المؤثرة فيه، وأحدث الإحصاءات التي باتت تؤكد أننا نعيش في عصر متسارع فقد فيه الأشخاص قدرتهم على الانتظار والوقوف في طوابير طويلة للحصول على قطعة ملابس أو طاولة في مطعم تم افتتاحه حديثاً..
وعلى الرغم من البكائيات التي تحوم حول وجع الانتظار في الأدب والفن قديماً وحديثاً.. فالانتظار ليس دائماً حزيناً.. والمنتظرون ليسوا دائماً خاسرين.. حيث قام والتر ميشيل أستاذ علم النفس بجامعة ستانفورد في أواخر الستينيات بتجربة اشتهرت باسم تجربة المارشميلو.
حيث قام الباحثون بإحضار مجموعة من الأطفال تتراوح أعمارهم بين 4 و5 سنوات وأجلسوهم في غرفة فارغة لوحدهم ووضعوا لهم حبة مارشميلو واحدة على الطاولة وقالوا لهم يمكنكم الاختيار بين تناول هذه الحبة الآن أو الانتظار 15 دقيقة، والحصول على قطعة ثانية.
طبعاً أغلب الأطفال اختاروا أن ينتظروا للحصول على قطعة ثانية، وبعد أن خرج الباحثون من الغرفة لم تمضِ أكثر من دقيقة أو دقيقتين حتى بدأ الأطفال بالنظر لقطعة المارشميلو فمنهم من بدأ بلمسها وشمها وحتى لعقها، ومنهم من انتهى به الأمر إلى أكلها، في النهاية أغلب الأطفال لم يستطيعوا مقاومة إغراء حلوى المارشميلو ولو يتصرفوا كما خططوا أن يفعلوا في البداية، عدد قليل جداً من الأطفال من استطاع أن يكمل 15 دقيقة دون أن يأكل الحلوى.
وبعد مرور بضع سنوات قام الباحثون بفحص جديد على الأطفال الذين خضعوا للتجربة وهم بالثانوية حينها، واكتشفوا أن الأطفال الذين استطاعوا مقاومة إغراء الحلوى وقت الانتظار.. سعداء ويمتازون بصحة جيدة وأجسامهم رائعة دون تخمة، وناجحون جداً في دراستهم، وكانوا أقل عرضة للإدمان مقارنة بغيرهم، ما يعكس حقيقة أن الانتظار أحياناً هو مهارة لا يتقنها الجميع تعكس حالة ضبط نفس عالٍ والقدرة على السيطرة على الذات.
أخيراً.. هناك نوعان من الانتظار.. أحدهما سلبي انهزامي ومثقل بالتوقعات، يصيبك تفكيرك وحياتك بالشلل، حينما تعلق خلاصك بما تنتظر حلوله، دون أن تعيش اللحظة أو تبحث عن خيارات بديلة، وهناك انتظار إيجابي مفعم باليقين وهو ذلك المرتبط «بالصبر» حين تملك الإيمان بنفسك وبالله تعالى.. وتظل في حالة حركة لا استسلام.. طمأنينة لا قلق.. أمل وحياة.. لا يأس وانهزام.