د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
بدا حضور المرأة السعودية في الوعي والتوجهات والخيارات التنموية مشروعاً وطنياً فلقه خادم الحرمين الشريفين فظهر كل فلق مؤشراً على حكمة القيادة الرشيدة وقناعتها باستحقاق كبير للمرأة في بلادنا، وتأسيساً على أن التنمية الوطنية مهمة إستراتيجية لا بد أن تتعاضد كل القوى الوطنية لتُقيم أوتادها، حيث حظيتْ تلك القوى بمقومات تلك المشاركة تعليماً وتأهيلاً وكان ذاك في مستراد واحد للمرأة والرجل؛ ففي الخطاب السعودي التنموي لا يوجد تحييد أو انحياز؛ بل منظومة متكاملة تستقطب الكفاءات السعودية؛ وتشترط تفصيلات من الوفاء تكون في وجدان كل مواطن لوطننا الأشم؛ وفي عهدنا الجديد انبجست فوق ثرانا شواهد نسائية سعودية مضيئة حينما اعتلت منصة التنمية الاجتماعية في وزارة العمل كفاءة سعودية بأمر ملكي كريم؛ هي معالي الدكتورة تماضر الرماح لتكون نائبة لمعالي وزير العمل للتنمية الاجتماعية؛ تلك البوابة المجتمعية التي تشكلتْ في وزارة سابقة ثم انضمت لنطاقها المنتمي مع وزارة العمل، وكانت التنمية الاجتماعية قد اغترفتْ سنيناً من الإستراتيجيات والمبادرات ولم يبرح واقعها «يمشي الهوينا» نحو عمق الوجيب الاجتماعي؛ فكانت حكمة القرار الملكي تعي ذلك الاتساع الكبير؛ وتعي أيضاً أهمية دعم الدولة لمتطلبات المجتمعات التي تشكِّل الأسرة جلّها؛ فوجود المرأة ضمن القيادة العليا لذلك القطاع وثيق الصِّلة بشرائح المجتمع سيكون تحولاً كبيراً في خارطة الطريق نحو الوصول إلى تحقيق التوازن المجتمعي وترقية مستوى الدعم الذي تقدّمه مؤسسات القطاع الخاص الخيرية لشرائح مجتمعية مختلفة من خلال اعتماد إستراتيجية واضحة ومرنة تكون ولوداً لقرارات ودودة بكل المنشآت الخيرية التي بسطت منابعها في كثير من المؤسسات والجمعيات الخيرية التي تستهدف الأسرة السعودية ذات الظروف المختلفة في حوائجها العينية وحاجاتها المعنوية؛ كما أن واقع التنمية الاجتماعية يتطلب غطاءً تنظيمياً محكماً يستطيع عبور كافة المنصات التي تدفعها القيم والمبادئ الإسلامية إلى التراحم والتآزر، فالحراك الخيري في بلادنا غزير وفير؛ فلا بد أن يمتد وينتشر وأن لا يقتصر على المدن الكبيرة فلعل آفاق التنمية الاجتماعية بقيادتها الجديدة تؤطر لمنصات انطلاق في المحافظات والقرى والمدن الصغيرة، وأن يُرقّى واقع لجان التنمية الاجتماعية المنتشرة إلى اتحاد جمعيات مجتمعية كبيرة تستهدف الشؤون الاجتماعية التي تدر في فلك الاحتياج المجتمعي المختلف والطارئ وتدمج مهامها في ذات النطاق وفي ذلك تسهيل للوصول للمستفيدين وتحقيق لجودة الخدمة ودعم قوي لأهداف تلك الكيانات الصغيرة حين تجتمع، وإن تطلّب واقعها دعماً بقدرات وطنية كأعضاء منتدبين من الحكومة خاصة في بداية اتحادها، كما نرقبُ بشغف وطني الالتفات إلى منصات الأسر المنتجة التي نجحت في صياغة مفهوم العمل الحر من داخل المنازل، واستطاعت تشكيل بعض الكيانات التجارية الصغيرة إلا أن النمطية في تسويق المنتجات أثقلت كاهل كثير من تلك الأسر؛ فذلك الباب التنموي الأُسَري لا بد من دعمه إنشاءً وتسويقاً وتطويراً لآليات عرضه، والاستفادة من البحث الاجتماعي في رصد صوره وتصنيف نشاطاته واكتشاف القدرات ورصد الإخفاقات ومن ثم جبر العثرات وترقية النجاحات إلى مصانع منتجة تتسم وتتمتع بما تناله مصانع السلع الكبرى.
ويأتي التطوع حيث يُقبل الشباب، وتتلهف أرواحهم لاحتضان وجيب الدروب المجتمعية وإقالة عثراتها وحيث البذل والعطاء الذي تتبناه مجموعات كبيرة وأخرى صغيرة من الشباب غالباً لصناعة محضن وبناء منصة اجتماعية تحتفي بفئة أو فئات من الأسر لها ظروفها الخاصة وكذلك عندما ينصت المتطوّعون لصوت عقولهم في بعض مؤسسات المجتمع المدني وإلى أماكن تنزوي في الذاكرة فيتوشحون مفهوم التطوّع لدعم ذلك القطاع؛ وكثيرة هي صور التطوّع التي أرى الإعلام ينأى عنها فيخفتُ صوتها المجتمعي بينما هي عمل وأمل وقيم إيمانية وأهداف اجتماعية ووطنية نادت بها رؤيتنا الحضارية 2030 لتكون «ماركة مسجلة» وصورة ضوئية حضارية لبلادنا فأنشأت بعض قطاعات الدولة متكأ للتطوّع، ورصدت جوائزه كما صنعت وزارة التعليم؛ ولكن التطوع بمفهومه المنتشر والممارس في المجتمع يفتقد إلى مرجعية تقويمية ترصد ما له وما عليه، فليت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية تفعل ذلك وتوجد آليات توزيع مثالية لمن يرغبون في تقديم الخدمة التطوعية؛ كأن توجد منصة إلكترونية تواصلية لتسجيل الراغبين في الخدمة التطوّعية، فهناك محطات تنتظر الغيث، وهناك وجيب مجتمعات تنتظر يداً حانية، كما أن هناك مجموعات تطوعية صغرى لم يسعفها الأمل والعمل من الوفاء بالتزامها أمام المستهدفين لقلة العدد والعدة؛ وهناك مثلها تنتهج ذات الهدف فلو كان للوزارة دور في إنشاء اتحاد للمتطوّعين في كل منطقة ومحافظة، فمن السهل في بلادنا بناء الجسور وتوحيد الأهداف وصياغة إعلانات البداية قوية متينة!