رقية سليمان الهويريني
كانت أول مشاهدة لي للدكتورة خيرية وسط جمع من الطالبات في جامعة الملك سعود بعليشة. وكان لقاء الصدفة بها مهيباً! حيث اجتمعت حولها طالباتها من قسم اللغة العربية لمناقشة وقت الامتحان بينما كان وجودي لغرض مشاهدتها فحسب!
استفسرت من إحدى الطالبات: هل د.خيرية هي الكاتبة في صحيفة الرياض؟ ولكنها أشاحت بوجهها عني حيث كانت تشغلها المادة التي تدرسها د.خيرية (الأستاذة والأكاديمية)! فاتجهت لطالبة أخرى بنفس الاستفسار فهزت رأسها بالموافقة! ولك أن تتخيل طالبة قروية التحقت بالجامعة مؤخراً فرأت بالصدفة كاتبة صحفية سعودية في عصر الندرة، حيث كنت أتابع كتاباتها ولم أتوقع قط أن أشاهدها عن بعد، فكيف وهي ماثلة أمامي!.
اقتربت من د.خيرية حتى لامس كتفي كتفها وحدقت فيها وزادت ضربات قلبي فرحاً بمرآها وابتسمت أنا أسبح في بحر الذكريات واسترجاع لبعض مقالاتها حتى لا أكاد أسمع نقاش الطالبات إلا همساً، ولو سألتني الدكتورة عن المادة أو الشعبة لوقعت في حرج، حيث إنني من قسم الاجتماع وليست ثمة علاقة أكاديمية تربطني بقضية هؤلاء الطالبات!
وعلاقتي بالدكتورة خيرية حالياً ليست الزمالة فحسب؛ بل هي أستاذتي في الكتابة وملهمتي في الصحافة لأنها تمثل لي الجانب الأنثوي المتزن من الكاتبات، فكتاباتها الفكرية والاجتماعية والوطنية وحتى الوجدانية ذات صبغة من الحكمة والأدب الرفيع.
وإن كانت رائدة ومبدعة في مجال الفكر والشعر والقصة والصحافة والتعليم الجامعي، ومن الأوائل اللاتي سجلن حضوراً وبصمة في خريطة الوطن؛ إلا أنها تعمل بصمت بعيداً عن الشهرة أو الإثارة! فهي سيدة من الطراز النادر التي لم تخض في الجدليات أو تلج في المهاترات أو تخلق حولها هالة من الشبهات! برغم أنني أعتب على غيابها عن الاجتماعات الصحفية أو مشاركتها في الندوات الفكرية أو عزوفها عن اللقاءات الحوارية!.
ويأتي تكريم الدولة للدكتورة خيرية بوسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى لاستحقاقها الفعلي، واعترافاً حكومياً بدورها الريادي.
ويبقى لي طلب لدى أمانة منطقة الرياض بتسمية شارع باسمها؛ ليعرف هذا الجيل والأجيال القادمة أن وطننا يخلد رواده المبدعين!.