د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
منذ عام 1415هـ رسمت الدولة قوانين لتوظيف الشباب السعودي في القطاع الخاص، وتعاقب على تلك الوزارة بعد فصلها عن الشؤون الاجتماعية عدد من الوزراء كان من أبرزهم الدكتور غازي القصيبي من 1425 – 1431 ثم تسلمها عادل فقيه، ويتولى الوزارة حاليا الدكتور علي الغفيص، بالطبع كانت هناك محاولات جادة لتوظيف الشباب السعودي في القطاع الخاص من خلال نطاقات التي لم تحقق أهداف الدولة بسبب إدمان القطاع الخاص على اليد العاملة الوافدة الرخيصة وقدرة القطاع الخاص على الالتفاف عليها.
اتجهت الوزارة إلى تجربة جديدة تتمثل في توطين صيانة الجوالات، وهي تجربة فريدة أثبتت نجاحها، رغم أن البعض يشكك في نجاح تلك التجربة، وأن العمالة الوافدة ما زالت تعمل من خلف ستار نيابة عن السعوديين، لكن علينا أن نقتنع أن لكل تجربة عقبات، ومرحلة انتقالية، ريثما تحقق التجربة أهدافها.
تواصل الوزارة تطبيق نفس التجربة باستهداف 12 قطاعا أعلنت عن توطينها، ولن تقف الوزارة عند مرحلة التوطين بل من خلال تقييم تجربة صيانة الجوالات وجدت أنه من الضروري أن يواكب توطين الـ12 قطاعا بأن تتجه الوزارة نحو إدخال السعوديين إلى هذا السوق كأصحاب أعمال بالتعاون مع صندوق تنمية الموارد البشرية وبنك التنمية الاجتماعية، خصوصا أن الدولة وافقت على وكالة لتوظيف السعوديين في القطاع الخاص بدلا من هيئة توليد الوظائف.
لم تعد تنظر وزارة العمل إلى سوق العمل من خلال توظيف الشباب ورفع نسب التوطين بل هي تنظر إلى السوق بنظرة أوسع من ذلك قد تتسبب تلك النظرة في خروج منشآت، لذلك قدمت الدولة طوق نجاة للشركات المتعثرة بقانون للإفلاس يشمل التسويات وتصفية الأصول للأفراد لخلق مناخ حاذب للمستثمرين، ما يعني أن السوق تدخله منشآت أخرى، وهذه حركة السوق الطبيعية، لأن حركة السوق عادة تعتمد على مؤشرات رئيسية مثل العرض والطلب والعائد والتكلفة التي لم تكن متوافرة خلال الفترة الماضية بسبب رفض القطاع الخاص توظيف السعوديين بحجج كثيرة، ومن جانب آخر كانت هناك قطاعات عدة محتكرة من قبل العمالة الوافدة غير قادر الشباب السعودي على اقتحام هذه الأسواق المحتكرة وعدم قدرته على المنافسة وهو ما يستدعي تدخل الدولة لفك هذا الاحتكار.
السوق السعودي أكبر سوق في منطقة الخليج والشرق الأوسط، وهي سوق نشطة تحتوي على سيولة عالية وقدرة شرائية عالية للأفراد، ما يعني أن السوق السعودي يوفر بيئة استثمارية خصبة، لكن كانت هناك معوقات في الفترة الماضية خلال خمسة عقود، فقط اقتصرت على المتاجرة بالتأشيرات، وهي تجارة مخالفة للقوانين والتي تتسبب في ظاهرة العمالة السائبة، ومن جانب آخر كذلك اكتفى البعض من تحصيل ثمن الكفالة، ولم يعمل لديه المكفولون بل يعملون في السوق لقاء مبالغ زهيدة، شوهت سوق العمل، وتسببت في اتساع دائرة التستر، وفي نفس الوقت اعتمدت فئة من السكان على التكاسل، لكن في الوقت الحاضر تريد الدولة أن يكون المواطن السعودي فاعلا وعاملا في السوق ويستثمر الفرص الاستثمارية المتاحة.
لا يمكن أن ترتفع نسبة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 65 في المائة مرتفعة من 40 في المائة في الوقت الحاضر إذا لم تتخذ إجراءات هيكلية تمكن السعوديين من قيادة القطاع الخاص، وهناك لجنة تعمل على تحسين أداء الأعمال في القطاع الخاص
(تيسير) بمتابعة ورصد التحديات والعقبات التي تواجه رجال الأعمال والمستثمرين ليتم دراستها وتقديم الحلول والتوصيات المناسبة، كما أولت الدولة اهتماما كبيرا بالتحكيم التجاري عبر إصدار مجموعة من اللوائح والأنظمة.