قاسم حول
أطلق مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة اسم المناضلة الجزائرية «جميلة بوحيرد» على الدورة الثانية للمهرجان واستضافها لتبارك أفلام سينما المرأة، وقد احتفلت مصر بزيارة جميلة بوحيرد وأصدر وزير النقل تعليماته لاستقبال جميلة بوحيرد لما يليق بمكانتها النضالية ودورها في حرب التحرير الجزائرية. وقالت وزير الثقافة المصرية الدكتورة إيناس عبد الدايم «تبدو فكرة احتضان مدينة أسوان لمهرجان سينمائي متخصص في أفلام المرأة، سواء كانت المرأة مبدعة في مراحل صناعة الفيلم أو هي محور الموضوع الذي يطرحه العمل جديرة بالاهتمام، فالمرأة منذ فجر السينما المصرية وهي تسطر تاريخاً مجيداً من الإبداع الراقي، بداية من جيل المخرجات الرائدات بهيجة حافظ وعزيزة أمير وصولاً إلى جيل كاملة أبو ذكرى وهالة خليل ومن بعدهن جيل أيتن أمين ومريم أبو عوف وهي أسماء أضافت للشاشة الفضية وهجاً وجمالاً» وأضافت الدكتورة إيناس «ويكتسب مهرجان أسوان هذا العام أهمية كبرى كون دورته الثانية تحمل إسم المناضلة الجزائرية العظيمة جميلة بوحيرد التي تعتبر رمزا عالميا في مقاومة الاستعمار .. وإذا كانت مهرجانات السينما تلعب دورا مهما في نشر الثقافة السينمائية، فإنه يحسب لمهرجان أسوان هذا العام الخروج بعروض الأفلام من قاعات السينما التقليدية إلى قاعات بعض الجمعيات الأهلية بقرى أسوان، فالذهاب إلى شريحة من الجمهور قد لا تسمح ظروفها بمشاهدة السينما يبدو هدفاً نبيلاً، بالإضافة إلى تنظيم عروض سينمائية بمدينة شلاتين تلك البقعة الغالية من أرض مصر الحبيبة..».
ماذا حقق مهرجان أسوان لأفلام المرأة؟ وهل المهرجانات ذات الاختصاص في موضوعات معينة هي مطلوبة أم هي استثناء في مسار مهرجانات السينما العربية؟ لقد عقد المهرجان ندوات ومحاضرات عن حرية المرأة العربية وظروف اضطهادها وقد حضرت المناضلة جميلة بوحيرد بعض هذه المحاضرات بتواضعها في الجلوس مع جمهور المشاهدين بعيداً عن المنصة ما حدا بالنسوة الحاضرات أن أطلقن الزغاريد في صالة المحاضرات لتواضعها ومحبتها لجمهور المشاهدين. كما استضاف المهرجان الناقد والباحث إبراهيم العريس ليلقي مداخلة عن السينما العربية والمرأة سواء كانت المرأة موضوع الأفلام وكيف ينظر إليها المخرجون من الرجال أو المخرجات من النساء ودار بعد المداخلة حوار عميق بينه وبين جمهور الحاضرين من النقاد والمعنيين بشؤون السينما العربية.
السؤال المطروح في هذا المهرجان ذي الموضوع الخاص بالمرأة العربية وحريتها إن ثمة إشكالات في السينما سواء فيما يتعلّق الأمر بالجانب الاقتصادي أو بحرية التعبير، هذه الإشكالات، لا تقل أهمية عن الإشكالات المتعلّقة بحرية المرأة. الأفلام السينمائية بشكل عام بعيداً عن خصوصية الموضوع لا يوجد فيلم ليس فيه امرأة سواء كانت المرأة حبيبة أم أماً، فالمرأة كما تشكل مشاركتها الرجل في الحياة فهي تشاركه المشكلات في السينما، والمطلوب أن الأفلام في بنائها الدرامي وفي استخدامها لغة التعبير السينمائية أن تعمد إلى تحليل الواقع الحياتي بشكل موضوعي، ولكن هذا التحليل الفني والجمالي له شروطه الموضوعية وفي المقدمة من هذه الشروط الجانب الإنتاجي الاقتصادي وحرية التعبير. إن قوانين المجتمع الروحية والمادية الوضعية والأعراف السائدة في المجتمع بحاجة إلى تغيير، حتى يمكن مناقشة حرية المرأة بحرية من قبل المبدع السينمائي، إذا أن السينما وهي انعكاس للواقع المعاش تعاني ما تعانيه المرأة في المجتمعات العربية والمشكلة سوف تبقى قائمة ورهينة بعملية التطور الاجتماعي. كما أن سينما المنتج الفرد والشركات المنتجة تنتج الأفلام لكي تحصل على فائض القيمة وتحقق الربح ما يساعدها على مواصلة الإنتاج فالسينما لدى هذه الشركات هو مشروع تجاري أكثر منه مشروع ثقافي. المشروع الثقافي تحققها مؤسسات غير ربحية وهذا يتطلب دعماً إنتاجياً من قبل وزارات الثقافة العربية تشكل السينما البديلة للسينما التجارية حتى نطالب المخرجين ومنتجي الأفلام بأفلام ذات قيمة فكرية وفنية جمالية تعالج الموضوعات الاجتماعية ومنها حرية المرأة.
«محمد عبد الخالق» رئيس المهرجان وهو كاتب سيناريو يتحدث عن صعوبة ووعورة الطريق في مسار المهرجانات السينمائية « كنا نتصور ونحن ندشّن الدورة الأولى أننا نودع المعاناة القاسية للخطوة الأولى ونحسب أن الخطوات التالية أيسر، لكن الحقيقة شيء آخر، فما زلنا حتى لحظة وقوفنا معا في افتتاح دورتنا الثانية نجري ونلهث حتى تكاد قلوبنا تتوقف من فرط الجهد وكثرة الصعاب. كل شيء صعب وكل صعب يتركب من سلسلة من المصاعب التي لا يخفف منها إلا الاستمرار فيها على أمل الوصول للمحطة الثانية لافتتاح الدورة الجديدة وتوالي فعالياتها» ويضيف «هذه دورة المناضلة الملهمة جميلة بوحيرد .. هذا ا لإشعاع الذي لا ينضب أبدا.. المرأة التي يحق للنساء أن يفخرن بها» أفتتح المهرجان بفيلم «البحث عن أم كلثوم» للمخرجة الإيرانية المقيمة في مدينة نيويورك في أمريكا. هو فيلم داخل فيلم يعالج محنة فنانة إيرانية تعيش في المنفى لكنها تحاول أن تستقي من حياة وفن سيدة الغناء العربي أم كلثوم ومن خلال رحلة صعبة يصبح على هذه الفنانة أن تكافح وتضحي من أجل أن تثبت نفسها في عالم من الرجال. ترأس السينمائي الجزائري أحمد راشدي رئاسة لجنة التحكيم وشارك في مسابقة الأفلام الطويلة اثنا عشر فيلماً وفي مسابقة الأفلام القصيرة خمسة عشر فيلما. مهرجان ينطوي على أهمية خاصة وأمل في تجاوز الصعاب بمؤازرة وزارة الثقافة المصرية واحترام المخرجين والنقاد الذين توافدوا على المهرجان في مدينة أسوان التاريخية.