د. عبدالرحمن الشلاش
وصف ولي العهد صاحب الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز الحملة القوية والسريعة الأخيرة على الفساد بالصدمة وكأنها جرعات الكيماوي الموجهة لعلاج الخلايا السرطانية كي لا ينتشر المرض في بقية الجسد.
وقال سموه في حديثه للصحفي الأمريكي ديفيد أغناتيوس عبر صحيفة «الواشنطن بوست « إن الميزانية لن تحقق أهدافها دون وقف النهب. لقد وضع سموه النقاط على الحروف في حديث لا تنقصه الشفافية، وهو من نوعية الأحاديث المريحة للنفوس والمطمئنة للقلوب.
أحاديث الأمير الشاب من خلال متابعتي لها ومن رؤية تحليلية وغوص في مدلولات مفردات سياقاتها تتسم بالقوة والتركيز والأسلوب المباشر الذي يبتعد كثيرا عن الأساليب الدبلوماسية، أو المسكنة والمهدئة لذلك كسب ثقة الشعب الذي وجد في سموه مخلصا له من تبعات فساد مالي على وجه التحديد أضر كثيرا بالخطط التنموية، وأعاق العجلة عن التقدم في أكثر من مجال، لذلك كانت طريقة التسوية مع بعض رموز الفساد شيئا لا يستهان به في طريق القضاء على الفساد الطويل، وأصفه بالطويل لأن تركته ثقيلة، وملفاته متضخمة بسبب سوء نوايا بعض من طرحت فيهم الثقة لتولي مسئوليات أو تنفيذ مشروعات.
بتنا في هذا العهد الميمون نسمع مفردات لم نتعود على سماع بعضها مثل عمليات «النهب»، والنهب آفة حقيقية تسببت في التهام كميات كبيرة من خيرات الوطن، وإيقاف النهب هو بمثابة صدمة أخرى كي تسير العجلة بانتظام، ولعل من أهم وسائل إيقاف النهب والوقوف في وجه غول الجشع والطمع ودناءة النفوس الضعيفة تلك الأوامر الملكية الكريمة التي تصدر من وقت لآخر لإحلال كفاءات تركز على تحقيق الأهداف، وتثبيت قيم الشفافية والنزاهة والمسئولية والمسائلة، والمحافظة على المال العام، وهذه الإجراءات دون شك منهج الأمم الطامحة للتقدم بأن تقضي على الفساد وتجفف منابعه، وتوقف كل القنوات التي تغذيه.
لا شك أن ما حدث في الفترة الأخيرة أشبه ما يكون بالثورة الشاملة على الفساد والفاسدين لأنه قد استهدف رؤوسا كبيرة لم يكن أحد من الناس يتوقع أن يصل إليها أحد في يوم من الأيام، وأشبه بالحلم الذي تحقق في غمضة عين، وأشبه بالدرس لكل من سولت له نفسه أن يقع في المحظور. التحولات والإصلاحات التي تشهدها المملكة حاليا تتطلب كما أكد سموه بيئة نقية خالية من الفساد.