أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
موقف الملك عبدالعزيز وابنه الملك سعود رحمهما الله تعالى من التآمر الصهيوني على فلسطين:
قال أبو عبدالرحمن: نعمت بكتاب (داكوبرت فون ميكوش) بترجمة الدكتور (أمين رويحة) (؛ على الرغم من أن أسلوبه غير مشرق)؛ وقد أهداه إلى الملك سعود بن عبدالعزيز رحمهم الله تعالى، وقال في التمهيد لترجمته: ((كنت في ألمانيا في خريف 1953ميلاديا عندما صدر هذا المؤلف التاريخي الذي أقدمه إلى قراء العربية اليوم؛ وقد أدهشني وسرني: أنني وجدته منتشرا في كل بقعة من ألمانيا في المكاتب والمطاعم والفنادق ومحطات القطار والمطارات حتى إنه دخل بيوت الفلاحين في القرى الصغيرة النائية.. والحق أنني وجدت الحديث عن ابن سعود كما يسميه المؤلف.. [قال أبو عبدالرحمن: هو ابن سعود ؛ فأي إشكال في هذا؟!] منتشرا كذلك في كل شقة ألمانية ولسان؛ فما جالست أحداً إلا وسألني مزيدا من المعلومات عن الراحل السعودي العظيم عندما يعلم بأنني أعمل في خدمة جلالته، وكنت كعربي..[؛ الصواب: بصفتي عربيا] أعتز كل الاعتزاز لاسترسال [الصواب باسترسال] الألمانيين في إطراء مزاياه، والإعجاب بشخصيته التي ترفع من شأن العرب في حقبة من الزمن شوهت فيها نكبة فلسطين سمعة كل عربي، ولم يتوفر لنا في تاريخنا الحديث ما يرد إلى العروبة بعض اعتبارها إلا سيرة ذلك البطل.. اشتريت الكتاب وأنا على أهبة السفر من مطار (هامبورغ) إلى هولندا، وبدأت قراءاته في الطائرة، ولم أستطع التخلي عنه إلا بعد أن أتيت إلى آخر حرف فيه في فندق مدينة (هلفرسنك) الهولندية، وقررت منذ ذلك الحين ترجمته إلى اللغة العربية؛ لتكون سيرة صاحبه مدرسة للأجيال الصاعدة، ومفخرة من مفاخر التاريخ العربي؛ فشرعت في نقله إلى العربية في بيروت حريصا على عدم التفريط بشيىء من نصه الألماني، وأسلوب واضعه الفذ الجذاب؛ وكنت طوال مدة الترجمة أشبه بشخص يعيش في وسط عبق يفوح من زجاجة عطرية لا تفارقه خلال مراجعة الكتاب؛ وكنت أشعر وكأن [الواو فضول] روحي ونفسي [الروح والنفس في مثل هذا السياق بمعنى واحد؛ فيكفي ذكر النفس وحدها، أو الروح وحدها] تـحلقان في أجواء علوية تسمو بهما إليها عظمة ابن سعود سيد العرب في عصرهم، وعظيم عظمائهم في تاريخهم المعاصر.. وكان علي بعد انتهائي من الترجمة أن أكتب الفصل الأخير (نهاية البطل)؛ فانتقلت مشاعري إلى جو من الألم القاتل لخسارة ذلك العظيم؛ وهو ألم لم أشعر بمثله طيلة حياتي؛ ليس لأن الراحل العظيم قد انتشلني من الموت، وأنقذني من الإعدام مرارا، وأسبغ علي من حمايته ما لن أنساه مدى احياة؛ بل لأن العروبة افتقدته وهي في لبان الحاجة إلى عظيم مثله يبيض من جبينها ما سودته نكبة فلسطين، ويواسيها إذا كانت تـجدي المواساة.. وما انتهيت من وضع الفصل الأخير حتى وقعت في جريدة (الحياة) التي أحرص على مطالعتها كل يوم على حديث شامل لجلالة الملك سعود بن عبدالعزيز أدلى به إلى الصحفي (ليلينتال) مؤلف كتاب (ثمن إسرائيل) والذي [الواو فضول] أثبته فيما يلي منقولا بنصه عن العدد 2571 من (الحياة) الصادر يوم الأربعاء في الثاني والعشرين من أيلول (سبتمبر) الموافق للرابع [الأفصح: الرابع] والعشرين من محرم 1374هـجريا الرياض الحياة [ذكر الرياض والحياة مرة ثانية خلال سطرين فضول].. كانت تصريحات الملك سعود للصحافي المعروف الفريد ليلينتال (نشرت الحياة خلاصات وافية عنها) من أقوى التصريحات في مواجهة الخطر الإسرائيلي، وطريقة حل القضية الفلسطينية؛ ولقد أشار جلالته إلى قضية النهضة العربية فقال: (قد تلاحظ أن بلادنا تختلف عن الكثير [الصواب: كثير] من البلدان التي زرتها في تنقلاتك في الشرق الأوسط؛ ولكننا هنا بدأنا الآن فقط في وضع برامج عديدة تتناول نواحي مختلفة من الإصلاح والتعمير والتقدم بحياتنا العلمية والاجتماعية والاقتصادية؛ وقد توالت على هذه البلاد عهود مختلفة لم تتح لها فيها أسباب النهضة والتقدم والعمران؛ وطريقنا في سبيل برامج إصلاحاتنا طويلة شاقة؛ ولكننا عازمون بحول الله على القيام بهذه الأعباء الواجبة؛ لنتيح لشعبنا ولأمتنا الحياة التقدمية التي نرجوها ونتمناها لها، ونسعى إليها).. وتكلم المستر ليلينتال فقال: (إن الرأي العام الأمريكي كان حتى عامين فقط تقريبا يجهل كل شيىء عن البلدان العربية وقضاياها؛ خصوصا فيما يتعلق بمشكلتها المشتركة ؛ وهي قضية العرب والصهيونية، ولكن في المدة الأخيرة أطلع الأمريكيون على عدد من الكتب والمقالات والمحاضرات، واستمعوا إلى كثير من الإذاعات تحمل إليهم وجهة نظر العرب نحو هذه المشكلة وما تفرع عنها؛ لهذا فقد بدأ الناس في أمريكا يتفهمون عدالة القضية العربية، ويعطفون على موقفهم فيها خصوصا فيما يتعلق باللاجئين العرب؛ فهل لجلالتكم ما تعلقون به على هذه القضايا؟؛ فقال جلالته: إننا نشكر لك ولكل من يساهم في الكتابة عن عدالة قضايا العرب ما تقومون به؛ والعرب لا يملكون في مجال الدعاية الوسائل الفعالة لبيان عدالة قضيتهم، ولكن الحق لا يعدم في كل زمان ومكان أنصارا ومؤيدين لا يهفون إلى غير قول الحق، وتبصير الناس به، والدعوة إليه؛ ثم إنني صريح؛ ومن عادتي أن أجهر بآرائي حسبما أعتقدها ويؤمن بها ضميري؛ وإذا كنت قد اجتمعت ببعض رجالات العرب، وسمعت منهم وجهات نظرهم نحو هذه القضية بالطريقة التي اعتادوا أن يفصحوا بها عن آرائهم: فإني أحب أن أصارحك بأن هذه القضية يتوقف عليها السلم والأمن في هذه الرقعة من العالم إلى حد كبير؛ ونكبة فلسطين خلقتها الصهيونية العالمية بعون ونفوذ ومساعدة السياسة البريطانية والأمريكية، ثم بالمواقف السلبية التي وقفها بعض رجالات العرب أنفسهم؛ ولولا هذا لما أصبحنا الآن فيما نحن فيه.. وإلى لقاء في السبت القادم إن شاء الله تعالى, والله المستعان.