موضي الزهراني
بالرغم من الإنجازات العدليَة والاجتماعية التي تتوالى محلياً ودولياً من أجل حماية الأطفال وتحقيق البيئة الأسرية الآمنة لهم، إلا أنهم مازالوا يدفعون ثمن الخلافات الأسرية المنتهية «بالطلاق» لدخولهم بعد ذلك في مطالبات قضائية ما بين الوالدين من حضانة أو زيارة! والمؤلم في نفس الوقت أن تصرفات الوالدين بعد انفصالهما وتصارعهما القضائي من أجل الفوز بحضانة هذا الطفل الذي لم يضحيَا من أجله منذ البداية، ولم يفكرا في معالجة سلوكياتهما والحدّ من خلافاتهما من أجل حياته، ولم يعرفا قيمته كنعمة وهبها الله لهما إلا بعد الفراق! تسيء له أكثر بسبب ذلك النزاع فيما بينهما، ومحاولة كل منهما الإثبات للجهات الرسمية بأن الطرف الآخر هو السيئ الذي لا يستحق الحضانة أو الرؤية في مراكز التنفيذ! فالمؤشرات وازدياد القضايا الأسرية المنظورة في المحاكم لا تبشر بمستقبل جيل مستقر نفسياً وسلوكياً، حيث ترتفع قضايا الحضانة والنفقة في المحاكم بشكل شهري، فقد بلغت «2050» قضية في شهر جمادى الأول فقط بواقع 93 قضية يومياً! وتنوعت تلك القضايا ما بين المطالبة بالنفقة ودعاوي السكن للزوجة، ودعاوي أخرى متعلقة بالحضانة! وبالرغم من إنجازات وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء بصدور جملة من القرارات والتعديلات التي تدعم حق الأم الحاضنة وذلك من خلال حسم أحقيتها بحضانة أبنائها دون حاجتها للتقاضي في محاكم الأحوال الشخصية وخاصة في حالة عدم وجود خصومة مع الأب! وكذلك حقها في التنفيذ الفوري لأحكام النفقة أو الزيارة أو الرؤية مما يكفل حق الطفل الشرعي في الحفاظ على كرامته واستقراره النفسي! إلا أن الأطفال مازالوا يدفعون ثمن العناد والتسلط الذكوري من قبل بعض الآباء الذين لا ينظرون لأثر تلك المواقف المشحونة على نفسيات أطفالهم بقدر اهتمامهم بالانتقام من طليقاتهم «أمهات أطفالهم» والتصَيد عليهن أبسط الأخطاء والرفع بها لقضاة التنفيذ من أجل اتخاذ أي حكم ضدهن! ولقد لمست ذلك من خلال مشاهداتي لآليات تنفيذ الزيارة والرؤية لأطفال المطلقات في بيت مودة التابع لجمعية مودة الخيرية بمنطقة الرياض والتي تعتبر من الجمعيات الرائدة في هذا المجال الإنساني من خلال جهودها المتنوعة للحدَ من أثر تنفيذ تلك الأحكام على نفسيات الأطفال، إلا أن تلك النماذج من الآباء والأمهات مازالت تحمل بداخلها المشاعر السلبية المكبوتة ضد الطرف الآخر، وتتكرر تلك المواقف التي لاتدل عى الوعي الوالدي بقدر ماتدل على أن رد الاعتبار للذات الشخصية هي الأساس لدى كل منهما! وبالرغم من جهود الفريق التنفيذي لتلك الأحكام إلا أن هذه الفئة من الوالدين مازالت بحاجة لدورات مكثفة من التوجيه والإرشاد الأسري من أجل الحفاظ على ماتبقى من الرابط العائلي بهدف حماية هؤلاء الأطفال من أثر النزاع مستقبلاً على حياتهم الأسرية!