الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
دعت دراسة علمية إلى أهمية تفعيل مهام المؤسسات التربوية والتعليمية والشرعية في القيام ببرامج البناء والوقاية والعلاج ضد الانحراف الفكري لسلامة الدين والوطن والناس، مع ضرورة رجوع الأمة إلى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والفقه الإسلامي لتفهم الأصل الشرعي للأمن الوطني، ومعرفة سبل تحقيقه، والتمسك بتطبيق الشريعة الإسلامية، والمحافظة على مقاصدها، وإقامة حدودها سعيًا لتعزيز التعايش المجتمعي.
وأكدت الدراسة البحثية المعنونة بـ «دور العلماء والدعاة في تعزيز التعايش المجتمعي» لمعالي الدكتور توفيق بن عبدالعزيز السديري نائب وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، أكدت على إيضاح حقيقة الدعوة السلفية الصحيحة، التي حفظ الله بها هذه البلاد وأهلها مذ دعوة الإمامين إلى وقتنا الحالي، وتفعيل أثرها في المجتمع ومؤسساته وخاصةً المؤسسات التربوية، وارتباط الأمة بولاة أمرها وعلمائها ورجوعها إليهم من أسباب تعزيز التعايش المجتمعي، والاستقرار واستتباب الأمن الوطني.
وشددت الدراسة على أهمية الاهتمام بالشباب؛ لأنهم أعظم أدوات بناء المجتمع والدولة والأمَّة، وهم أساس نهضتها، ومستقبلها الواعد، متى ما اهتمت الأسرة والمجتمع بهم، وهم محل استغلال أرباب الفكر المنحرف والمنهج المتطرف، مع وجوب قيام المسلمين عموماً والعلماء والدعاة خصوصًا بيان شريعة الإسلام وأحكامها السامية العادلة مع الناس عمومًا، والتزام الوسطية والاعتدال والابتعاد عن الإفراط والتفريط في الدين، والتماسك والتعاون على البر والتقوى بين المواطنين والابتعاد عن النزاع والتمزق والانقسام بينهم، وتعزيز القيم والأخلاق الإسلامية والامتثال الصادق لتعاليم الإسلام سعيًا لتحقيق التعايش المجتمعي، وعقد المؤتمرات والملتقيات الدعوية والعلمية الصريحة في تناول أسباب الانحراف الفكري ومظاهره وأضراره وآثاره على جميع المستويات وفي جوانب الحياة كلها، وتفعيل المنابر الدعوية والعلمية لتعزيز التعايش وتحقيق السلم المجتمعي.
وكانت الدراسة البحثية قد خرجت بنتائج ومنها: عدالة وسلامة منهج السَّلف الصَّالح في مسائل الاعتقاد والعبادة والمعاملة والأخلاق؛ حيث الوسطية والاعتدال، والسلامة من التطرُّف والانحلال، وإن الدين عند الله الإسلام، وهو دين الرسل كلهم، ولا يقبل الله من أحدٍ دينًا سواه، معرفة التَّعايش في الاصطلاح بأنه: (اتفاق بين أطراف مختلفة دينيًا أو مذهبيًا على حسن المعاملة، والعيش بصورة ملائمة وفق قواعد محدَّدة بهدف تنمية المجتمع وتحقيق أمنه مع احتفاظ كلٍ بخصوصيته)، وأن التَّعايش منه الحق والصَّواب وهو الموافق لمعنى البر والإحسان بضوابطه الشَّرعيَّة، ومنه الباطل الذي يتضمَّن موالاتهم وإنكار بعض الأحكام الشَّرعيَّة مثل الجهاد وحد الردة وبغض الكافرين ونحوه، وإنَّ حكم التَّعايش واجبٌ عيني على الحاكم والمحكوم والمقيم دلَّ عليه الكتاب والسُّنَّة وفهم سلف الأمَّة، كما إنَّ التعايش لا يلغي بوجهٍ من الوجوه الشرائع التي شرعها الله من الولاء والبراء، والجهاد والجزية، وبغض من يبغضهم الله ويبغضهم رسوله من الكافرين والمبتدعين.
وأوضحت الدراسة اهتمام الفقه وشموله لمسائل الاعتقاد والعبادة والمعاملة والأخلاق؛ حيث الوسطية والاعتدال، والسلامة من التطرُّف والانحلال، بما يكفل تعزيز التعايش المجتمعي، مع عناية الشرع الحنيف بحفظ الضروريات الخمس: الدين والنفس والعقل والعرض والمال، ورتَّب الأحكام المناسبة لها، مشيراً الباحث إلى أن ما تم التوصل إليه يؤكد أهمية قيام العلماء والدعاة انطلاقاً من هذا المنهج لتعزيز قيم التعايش المجتمعي من خلال منابرهم العلمية والوعظية والإرشادية.