هكذا قُلت عندما كنت في حوار مع أحدهم عن قيادة المرأة للسيارة في السعودية. نعم كانت أمي -حفظها الله- تقود السيارة وما زالت إذا دعت الحاجة، وهي من علّمني قيادة السيارة في صغري. ما يجهله كثير من الناس، خاصة المعارضين على قيادة المرأة هي أنهن كنّ يقودن السيارة قديماً. بل كان أكثرهن يقود سيارات من النوع الثقيل مثل «تريلات» الماء لجلبه عند الحاجة لجلب الماء من الآبار. وكان الأمر طبيعيا بل أصبح الناس -آنذاك- يعرفون أن تلك السيارة تابعة لتلك المرأة، وأن فلانة اليوم وردت على البئر وصدّرت منه وهي تقود تريلة موية.
حسناً.. ما الذي اختلف الآن؟ هل تبدل الشعب أو تعودنا على تعميم المنع والتحريم ليشمل كل ما هو حلال في الأصل. لنرجع أخي القارئ العزيز في الزمن قليلاً إلى الوراء. أتذكر عندما دخل علينا «الدش» وما قيل عنه وإنه حرام وفساد؟ ما هي إلاّ أيام حتى اشتراه المعارضون. أيضاً هل تذكر جوالات الكاميرا عندما دخلت السوق التي سببت ضوضاء من قبل المعارضين على حرمتها ليقتنوها بعد أيام؟ هنا يصدق قول سيّد العلماء علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- «الناس أعداء ما جهلوا»
.
لن أعدّد فوائد ومضار قيادة المرأة للسيارة. لأن العاقل حكيم نفسه ويعلم أن لكل شيء في الحياة منافع ومضار. ولكن أريدك أن تفكر معي أخي القارئ العزيز قليلاً فيما هو حاصل: ما الذي يلزم المعلمة أن تدفع نص راتبها للسائق الأجنبي لكي يوصلها لمقرّ عملها؟ لماذا لا يكون «سمننا في دقيقنا»؟! وتلك المرأة المثابرة التي اعتمدت في قضاء حوائجها على شخص غير جدّي ينام ويتكاسل عن القيام بشؤون بيته وأهله؟ للأسف أكثر المعارضين لا يعلم أنه عالق في أغلال فكرية ما أنزل الله بها من سلطان.
أخيراً أقول -وهذا مهم جداً- لا بد من سنّ قوانين صارمة قبل البدء في السماح للمرأة لقيادة السيارة يطبق، ويعاقب كل من تسوّل له نفسه في أن يعتدي بأي صورة من صور الاعتداء أو المضايقة على المرأة عند قيادتها للسيارة وعند تنقلاتها. ونصوص قانونية تضبط وتحكم وتنظم سلوك المرأة عند القيادة أيضا. فلولا وجود القانون لما تعايش الناس مع بعضهم البعض، والذي حدّد الخطوط الحمراء التي يُجرّم متجاوزها حتى أصبح الناس مطمئنين أن هناك قانوناً يكفل حقّ المتضرر ويعاقب المعتدي.
** **
- أستاذ جامعي بجامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز