د. فوزية البكر
هذه الرسالة تُبعث من الجوازات عند صدور الجواز الجديد (بعد إتمام الإجراءات المطلوبة للحصول على جواز سفر التي كتبت عنها في مقالة الأسبوع الماضي تحت عنوان [طلب إصدار جواز سفر] ونشرت بتاريخ 22-2-2018).
الرسالة المذكورة لا تُرسل لصاحب الوثيقة الرسمية كما قد نتوقع باعتبار أنه صاحب الصلاحية والمقصود بالخدمة (إذا كانت امرأة)، لكنها في هذا النظام ترسل على جوال ولي الأمر الذي يتكرم (لطفًا) أو مجبرًا بالذهاب والتوقيع باستلام الوثيقة الرسمية (لمن تقع تحت ولايته)، وهو بالطبع من يقرر أن يعطيها الوثيقة، أو يحفظها لديه حتى الحاجة، لكنه في كل الأحوال هو أيضًا من يمتلك حق إصدار أمر السفر أو إلغاءه إن شاء؟! بضغطة بسيطة من أصبعه على جهاز كومبيوتره يؤدي أي خلاف زوجي عابر أو مستمر إلى إلغاء حق المرأة في التحرك والتنقل والسفر، وهو الحق الذي حفظته المواثيق السماوية والبشرية كافة، وعجزت عنه قوانيننا المحلية خلال أيام الصحوة.
يذكر هيثم الورداني في كتاب النوم أن المفكر الألماني عالم الاجتماع والفن الجمالي والتر بنيامين يقول عن (الغفوة والصحوة) ما يأتي:
إن كل استيقاظ حقيقي (كما نمر به اليوم هنا في المملكة) هو إعادة تشكيل للواقع؛ لذا فإن هذا الاستيقاظ (أي الصحوة بعد غفوة) هو استيقاظ من سبات جماعي طويل؛ فلحظة الاستيقاظ البنياميني هي اللحظة التي تتشكل فيها الذاكرة من جديد، والتي تستعيد فيها الجماعة وعيها بذاتها تدريجيًّا من خلال الفعل السياسي؛ فتصبح قادرة على إعادة صياغة الواقع، وتفسير الحلم الذي كانت تهوم فيه؛ لتخرج من الغياب الجمعي إلى الواقع الجديد. وهذا بالتحديد ما يجب أن نفعله.
يجب علينا نحن المجتمع بدء فعله السياسي والاجتماعي للخروج من الغفوة الطويلة التي مررنا بها، وكلفتنا كثيرًا جدًّا، سواء من تاريخ بلادنا أو من شبابنا وشاباتنا الذين أُهدر شبابهم بأوهام أودت بهم للتهلكة أو بمن بقي في الداخل محاصرًا على نفسه يصارع طواحين الهواء مبددًا طاقاته الفكرية والعاطفية في محاولة التملص من شبكة (الصحوة) المذهلة التي سيطرت على كل مقدرات هذه الأمة، وجاء المخلص ليوقظ الأمة من السبات، ويدلف بها إلى عالم الحقيقة الذي يعيشه باقي العالم عدانا نحن.
لقد حان رسم واقع جديد، بدأت خيوطه تشرق تدريجيًّا على أمتنا في عهد الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، وعلينا أن ندعم هذا الاستيقاظ بمزيد من الانتباه؛ لنتخلص تدريجيًّا من كل أشكال الفروقات التي لا تتفق مع ديننا الإسلامي ولا مع الأعراف والمواثيق الدولية التي وقعت عليها المملكة.
المرأة السعودية وبدون تملق لأحد تمكنت من إثبات نفسها أينما وجدت: في الجامعات، في المستشفيات، في التعليم، في المؤسسات المالية والاقتصادية، وغيرها كثير. وهي تستحق الكثير بكل الجهد والعمل الدؤوب الذي تؤديه في كل موقع. ولعل التعيين الأخير للدكتورة تماضر الرماح نائبة لوزير العمل والشؤون الاجتماعية لخير دليل على العمل التدريجي الذي تضطلع به حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان لتمكين المرأة السعودية.
وحتى يتم هذا التمكين لا بد من متابعة كل هذه التفاصيل (غير الواقعية)، مثل استخراج وثيقة سفر أو السماح بسفر، أو أي من الطلبات التي تشي بحس حرمان المرأة من حقوقها في أية مؤسسة حكومية أو أهلية للقضاء عليها، ولن يتم ذلك إلا بإيجاد هيئة تسمى: (هيئة تمكين المرأة السعودية)، التي تكون مهمتها متابعة قوانين حقوق المرأة كافة في أية منشأة كما نص القرار السامي رقم 33322، الذي طالب بملاحقة كل أشكال التمييز ضد المرأة، والرفع بها، لكن لم تفعل الكثير من المؤسسات أي شيء لعدم وجود الدافعية، وللممانعة الثقافية التي تنتشر في هذه المؤسسات؛ لذا من غير متابعة واضحة من هيئة متخصصة لتمكين المرأة من مثل هذه المقترحات لن تستطيع المرأة أن تتمتع بذات الحقوق الطبيعية للمواطن السعودي كما نص عليها نظام الحكم الأساسي للمملكة العربية السعودية.