أمل بنت فهد
لنفترض أن لديك صديقاً، أو موظفاً، عاش معك زمناً طويلاً، فكيف سيكون قرارك بأن تمنحه حقوقاً كحقوق أسرتك، كحقك أنت، بمعنى أن يصبح فرداً من أفراد عائلتك، له مثل ما لغيره، في كل شيء، هذا القرار مصيري، ومهما كان الدافع العاطفي تجاهه لن تتخذه إلا بالعقل والمنطق.
ولكثرة الحديث عن منح الجنسية السعودية لغير السعودي، فإن التجنيس لا يختلف عن المثال المذكور أعلاه، بالطبع لست ضد أو مع، لأن لدي بعض الأسئلة التي تحتاج إجابة، وقبل كل شيء أؤكد على ثقتي المطلقة في القرار الذي ستتخذه حكومتنا الرشيدة، لأنها ستأخذ في الاعتبار كل الأبعاد، الأمنية، والاقتصادية، والتاريخية، والاجتماعية، والمستقبلية.
وللرأي العام الذي انقسم بين مؤيد ومعارض قائمة من الأسئلة، على سبيل المثال:
لماذا التجنيس؟ هل نحتاجه فعلاً؟ وهل من يطالب به لديه أسباب منطقية غير العاطفة تجاه أقاربه أو أصدقائه أو معارفه؟
هل لدينا اطلاع ودراسة على تجارب التجنيس في العالم؟ وفي حال كانت ذات فائدة أو قيمة وآمنة، هل الوضع كان مشابهاً للوضع في السعودية؟!
كيف هي تجاربنا مع الذين حصلوا على الجنسية السعودية؟ ما هو العائد على الوطن وعلى المجتمع السعودي على كافة الأصعدة!
ما هي الملفات الوطنية التي ستتأثر مع زيادة عدد السعوديين؟ وهل تم إقفالها والبت فيها ليتسنى فتحها من جديد؟ كملف البطالة، السكن، الصحة، التعليم.... إلخ.
منح الجنسية قرار مصيري دون شك، ولكل الطرفين أسباب وحجج، والواضح أنه ملف أعمق من أن يفتح في هذه المرحلة التي نعيش فيها ترميماً وتخطيطاً وتنفيذاً في ذات اللحظة، نحن في مرحلة تجديد وليست سهلة ليفتح ملف إضافي، نحتاج وقتاً لنا، ووقتاً للوطن، ومتى استوى الوضع وحققت دولتنا ما تصبو إليه، من كرمها أن ستفتح ملف التجنيس لدراسته.
أما الفترة الحالية فليس وقتها، لدينا الكثير لننجزه، وتحديات كل يوم تكبر، نغلق باباً، ويفتح علينا ألف باب، لذا لسنا بحاجة إلى الإلهاء، أو التشتيت.
السعودية كانت ولا زالت كريمة مع المقيم، وخيراتها تحيطه منذ ولادته على أرضها، ومنذ وصوله إليها، منحت ولا تزال تمنح، ولا يوجد وضع طارئ، أو ضغط يجعل ملف التجنيس ملفاً ضرورياً.
سيكون له يوم، بعد أن نصل ونحقق الصورة والوضع الذي يستحقه الوطن، فالوطن أولاً وثانياً وثالثاً.