إبراهيم عبدالله العمار
كل سوق تذهب إليه يتمنى أن تشتري منه أكبر قدر ممكن، وهل تعلم أحد أقوى الأشياء التي تحثك على شراء المزيد من المنتجات؟ الاسترخاء!
هذا ما وجدته دراسة صُنِعَت عام 2011م، وجد فيها الباحثون أن كون مزاجك هادئاً مسترخياً يجعلك أكثر عِرضة لأن تشتري وتدفع المزيد، ربما في أشياء لا تحتاجها. والعكس صحيح: إذا دخلت السوق وأنت تشعر ببعض الغضب فإن احتمالية الشراء البذِخ هذه تقل. لكن أصحاب المراكز هذه لا يريدون أن يقل شراؤك، ويستعينون بخبراء مهمتهم أن يصنعوا تواصلاً لا ينقطع بين عينك وبين السلع، وانظر مثلاً إلى الرفوف، تمشي من أوله إلى آخره وتلاحظ أن السلع لا تنقطع بل هناك منها ما هو معلق على الجانب الآخر أو مصفوف، أو هناك منضدة عليها منتجات، وهكذا. وصناعة التواصل هذه بين عينيك وبين السلع تحدث بطرق كثيرة لا تدركها، ولاحظ مثلاً أن بعض المنتجات الهامة المطلوبة لا توضع أول شيء في السوق إذا دخلت، بل في أماكن بعيدة، مثل جبن أو لبن أو بيض أو دجاج، فهذه لاحظ أنها ليست مثلاً عند المحاسب أو تستقبلك في أول السوق، بل دائماً بعيدة عن المدخل، وذلك لتُعرَض عليك أكبر مجموعة من المنتجات المغرية لكي تشتري أكثر مما أتيت من أجله. ولماذا الكثير من المراكز التجارية تكون مصاعدها زجاجية؟ ولماذا يستخدمون السلم المتحرك بكثرة؟ لأن هذا يعرض عليك السوق ومنتجاته أيضاً! حتى وأنت تنتقل من طابق إلى طابق لا تنقطع محاولة عرض السلع عليك وإغراؤك أن تشتري كل ما لا تحتاج إليه. ومن هذه الوسائل التسعير الذي تراه، مثل 29 ريال بدلاً من 30 ريال، فهل هناك فرق بين الاثنين؟ نعم، فرق ضخم! من ناحية واعية أنت لا ترى فرقاً، لكن مخك لا شعورياً يرى 2 وليس 3، يرى العشرينات لا الثلاثينات، وهذا يدفعه أن يأخذ المزيد من السلع المسعّرة بنفس الطريقة، فلا ترى بأساً أن تأخذ شيئاً آخر سعره 9 وتضيف إليه ثالثاً سعره 19 وهكذا!
في الأسواق.. إن الظاهر ليس كما يبدو.