محافظة الحريق إحدى محافظات منطقة الرياض تقع جنوب مدينة الرياض وتبعد عن مدينة الرياض قرابة المئة وثمانين كيلاً، ويتبعها العديد من المراكز ومقر المحافظة بالحريق التي كانت تُسمى قديماً (المجازة، العلية، الفرع، العلاه، وادي بني قشير) ويتم الوصول إليها بواسطة خمسة طرق بريه معبدة أحدثها طريق الحاير جنوب مدينه الرياض الذي تم افتتاحه مؤخراً.
وقد اشتهرت بتاريخها منذ منتصف القرن الحادي عشر الهجري وبأنها إقليم من أقاليم نجد المشهورة ومن ذلك التاريخ فهي تعيش نهضة اجتماعيه وزراعية واقتصاديه والتعليم كان طريق الكتاتيب من خلال تعليم القراّن الكريم وأصول الدين والقراءة والكتابة ومنها أصبحت وادياً للجذب السكاني وذلك لعدة عوامل أبرزها موقعها التجاري فهي طريق لحجاج شرق الحريق (أهالي المفيجر، نعام، الفرعة، أسفل الباطن، والحلة، والقويع، والعطيان، والحلوة) وحجاج الدلم وجنوب الخرج ودول الخليج العربي وعمان ومنها للرين والقويعية والدوادمي وعفيف وظلم والمويه وأخيراً مكة المكرمة.
وقد أدت هذه النهضة إلى إحياء الأرض وإقامه المزارع وبناء المساكن والمساجد القريبة من المزارع وإقامه الأسوار والقلاع لحماية البلدة فاستخدم في عمارتهما الطين والخشب والتي مثّلت نمطاً للعمارة التقليدية، حيث أوضحت جولتنا الميدانية إلى وجود العديد المباني التاريخية والتراثية والمساجد والأسوار والقلاع والتي تجلّى فيها عمق العمارة التقليدية السائدة بالمنطقة.
وانطلاقاً من اهتمام متحف نفحات الماضي بتاريخ وماضي محافظة الحريق فقد انطلقت فكرة إقامة معرض مسابقة الصور التاريخية بالتعاون مع لجنة التنمية الاجتماعية الأهلية بالمحافظة لتوثيق بعض الجوانب من تاريخ وماضي المحافظة والمراكز التابعة لها.
أما فيما يتعلّق ببداية التصوير الفوتوغرافي بالمحافظة فإنه لا يوجد تاريخ دقيق إلا أنه من المحتمل أنه كان مع بداية التعليم النظامي الذي انبثق مع افتتاح المدرسة السعودية (الحريق الأولى)1370هـ كذلك لا نستبعد أن هناك صوراً التقطت من قبل بعض الجوالة الأجانب الذين يطوفون مختلف مناطق وقرى وهجر المملكة آنذاك لكنها لم تظهر.
فنحن نعلم بأن الصورة ما هي توثيق دقيق لجوانب من التاريخ وحفظت لنا التفاصيل الدقيقة للحياة الاجتماعية والزراعية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والمعالم العمرانية، وقد نظّم المعرض خلال الفترة من 23-4-1439 هـ إلى 27-4-1439 هـ ضمن فعاليات مهرجان الحمضيات الثاني، وتضمن عرض ثماني وعشرين صورة كانت على النحو التالي:
1 - المساجد : فقد تم عرض العديد من صور كان أبرزها صورة لمسجد العقباني بحي العقباني والذي تسم بروعه التصميم المعماري للمساجد السائد بالمحافظة قديماً والذي بني بالطين وسقف بشجر الأثل والجريد وبه رواقين تمتد من الشمال للجنوب، ودرج يؤدي للسطح به المئذنة المبنية كذلك من الطين.
2 - المباني الأثرية: تم عرض العديد من الصور كان أبرزهما بقايا قصر العويضية العائد للأمير تركي بن رشيد بن تركي الهزاني - رحمه الله - والذي كان مقر الإمارة في عهد الملك عبد العزيز والذي تجلّت فيه روعة التصميم المعماري النجدي لقصور الإمارة والذي لم يتبق منه أجزاء من السور وبعض المرابيع التي كانت تحيط بالقصر. كذلك قصر البزيعية بمزرعة البزيعية العائد للشيخ عبد الله بن راشد الهزاني والذي تجلّت به كذلك روعه التصميم المعماري النجدي والمميز كان يتسم بكبر مساحته وتعدد أبوابه ويتكون من دورين وأما من الداخل فيلاحظ تعدد غرفة وإحاطتها بالمصابيح من جميع النواحي وعلى جدار السترة العلوية زينت بالشرف مضيفه جمالاً جذاب.
3 - التعليمية والثقافية: عرضت فيه العديد من الصور كان أبرزها المبنى الأول لمدرسه الحريق الثانية والتي تأسست عام 1382هـ والمبني من الطين وخشب الأثل والعائدة ملكيته للشيخ زيد بن سعود آل خثلان - رحمه الله- ويظهر في الصورة وبالتحديد في وسط المدرسة ماصة دراسية قديمة كان تتسع لطالبان وفوقها سراج يستخدم للإنارة، كذلك صورة للواجهة الخارجية لأول مبني مسلح لمكتبة الحريق العامة الواقع بحي العثمانية. وصورة لزيارة طلبة مدرسة الحريق الأولى (الباطن) لمشتل الخرج برفقة عدد من المعلمين عام 1396هـ، وصورتان لبداية الحركة الكشفية بالمحافظة ونشاطها، وصورة للعرضة السعودية لاحتفالات مركز نعام احتفالاً بعودة الملك خالد - رحمه الله- من رحلته العلاجية خارج المملكة عام 1399هـ، كذلك صورة لتشريف أمير الحريق آنذاك الأستاذ محمد بن عبد العزيز الشنيفي للبطولة الثلاثية لكرة السلة للمدارس بحضور مدير إدارة التعليم بحوطة بني تميم والحريق الأستاذ عبد العزيز الراشد والتي أقيمت بثانوية الحريق عام 1399هـ.
4 - صورة جوية لمحافظة الحريق والمراكز التابعة لها (نعام، المفيجر) التقطت ما بين عامي 1394هـ- 1395هـ الموافق 1974م - 1975م.
5 - صورة لاحتفالات أهالي الحريق بمناسبة افتتاح شركة كهرباء الحريق وضواحيها تحت شرف معالي وزير الصناعة والكهرباء آنذاك الدكتور غازي القصيبي - رحمه الله- ويظهر في الصورة وهو يشارك الأهالي العرضة السعودية فرحتهم.
6- الحركة الرياضية: تم عرض صورتين الصورة الأولى للفريق الأول بنادي الفرع الرياضي بالمحافظة في لقائه التاريخي مع نادي النصر الرياضي عام 1396هـ بملعب الملز ضمن تصفيات كأس خادم الحرمين الشريفين، أما الثانية فكانت للفريق الأول لفريق كره الطائرة أثناء مشاركته في دوري كرة الطائرة لمكتب رعاية الشباب بالخرج عام 1406هـ
7 - الحركة الاقتصادية: وقد تم عرض ثلاث صور لسوق القاع من مختلف الجهات والذي يقع وسط الحريق فهو منطلق الحركة الاقتصادية ويقع بالجوار منه مسجد الجامع الوحيد بالحريق والسوق له سمعة كبيرة بين الأهالي والمراكز التابعة لها.
وقد حظي المعرض بإقبال كبير ومنقطع النظير من زوار مهرجان الحمضيات من مختلف الجنسين رجال ونساء والإشادة به، حيث إنه أول معرض يعرض صوراً قديمة لماضي المحافظة والمراكز التابعة لها وقد وزع على الزوار مطوية بعنوان الصورة ليست مجرد ذكريات اشتملت على (أهمية الصورة، أول من اخترع الكاميرا، بداية التصوير الفوتوغرافي بالمملكة، متى تبرز أهمية الصورة؟) وأشرف على المعرض الأستاذ محمد بن ناصر الجمعان مدير متحف نفحات الماضي ومساعدة الأستاذ خالد بن حسن الزنان وكانا في استقبال الزوار والترحيب بهم والشرح لهم، والجدير بالذكر أن المعرض حظي بزيارة صاحب السمو الأمير عبد الله بن فيصل بن تركي آل سعود سفير خادم الحرمين الشريفين في الولايات المتحدة سابقاً، ومعالي مدير جامعة شقراء الدكتور عوض بن خزيم الأسمري، ومعالي محافظ المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني الدكتور أحمد بن فهد الفهيد وعدد من المسؤولين.
وختاماً أتقدم بخالص الشكر والتقدير للرئيس لجنة التنمية الأهلية الاجتماعية بالمحافظة الأستاذ عبد العزيز بن ناصر الهضيبي على مساهمته ودعمه لفكرة إقامة المعرض وتسهيل كافة الترتيبات مع اللجنة المنظمة لمهرجان الحمضيات الثاني وكذلك الشكر موصول للأستاذة محمد بن زيد الخثلان وعبد الله بن سعد الدريس ومساعد بن عبد الله بن الحوشان ومحمد بن حسين الدبل وغانم بن سعد الغانم وخالد بن سالم المخيليل لتفاعلهم ومساهمتهم بالعديد من الصور في المسابقة وعرضها بالمعرض.
محمد بن ناصر الجمعان - مدير متحف نفحات الماضي بمحافظة الحريق