خالد بن حمد المالك
ما لم تحققه المملكة في عشرات السنين لا يمكن أن نطالبها بتحقيقه في سنتين فقط، هكذا يُرد على من يتساءل ويستعجل إنجاز ما تم الإعلان عنه من مشروعات عملاقة ضمن رؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني، فما أعلن عنه ينبغي أن نمنحه الوقت الذي يحتاج إليه، وندفع به إلى التنفيذ من خلال الثقة وليس من خلال التشكيك.
**
تثبيط العزائم لا يخدم أي برامج أو خطط جديدة هي عوضنا عن النفط إذا ما أصابه ركود أو تعرض لكساد، خاصة مع ظهور بدائل له، لأن الاعتماد على النفط بلا خيارات أخرى إنما يكرّس حالتنا منذ اكتشافه، ويضعنا في دائرته دون أي تفكير بأننا قادرون على أن نفعل كما فعل الآخرون، وأن نتفوَّق على بعضهم بتوظيف النفط في خدمة الصناعات والمشروعات المعلن عنها حديثاً.
**
لا أستهين بأهمية النفط، ولا أقلِّل من قيمته، ولا أتمنى أن يكون هامشياً في حياتنا، لكنه مادة ناضبة، شئنا أم أبينا، وهي سلعة ترتفع وتنخفض قيمتها بحسب العرض والطلب، والاعتماد عليها دون غيرها في مصادر الدخل هو استسلام ستكون نتائجه المستقبلية شديدة الخطورة.
**
وما أعلن عنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تباعاً من أفكار وبرامج وخطط هو عين الصواب، إذ إن المملكة تنمو سكانياً بنسب عالية، وهي بمساحة قارة، وبالتالي فالتزاماتها جد كبيرة، ولا يمكن أن تركن إلى النفط كمصدر وحيد، ومن ثم لا تتجاوب مع أي أفكار تصب في خدمة الوطن والمواطن، بحجة أن المملكة تمتلك أكبر مخزون من النفط، وأنها الدولة الأولى في تصديره وإنتاجه.
**
هناك من يثير الأسئلة المربكة والمشككة في توجهات المملكة الاقتصادية الجديدة، اعتماداً على ما تثيره وسائل الإعلام الموجهة من دول معادية، وهناك من يعتمد على الإشاعات، وكلها لا تضمر الخير لنا، وكلها تريد أن تفرِّق كلمتنا، بأمل أن تفضي سياساتها المعادية عن إفرازات ذات تأثير من هذا الإعلام البغيض على وحدة كلمتنا.
**
ومسؤولية إعلامنا الرسمي والأهلي أن يكون حاضراً في نقل صورة ما يحدث بأمانة وصدق، ومسؤولية الجهات ذات العلاقة أن تَظْهر للناس وتقدِّم من خلال الإعلام ما لديها من معلومات، وألا يكون ما تتحدث به بمثابة ردود فعل ليس إلاّ على مغالطات عدونا، أو تأثراً من إشاعة رخيصة تصدر من هذا أو ذاك، بينما المطلوب أن يصاحب أي مشروع جديد زخم معلن من المعلومات، وأن يتم تجديد وتحديث المعلومات مع كل جديد يكون قد جد.
**
فنحن في معارك أمنية وسياسية واقتصادية، خصومنا كثر، وحسادنا بلا حدود، ومواجهتهم تكون بالكلمة والمعلومة، وكشف الحقائق، وإيضاح ما خفي لدى الآخرين، بأسلوب علمي رصين، ملتزم بالصدق والموضوعية كما هي سياسة المملكة، وكما هي مواقفها مع كل الأحداث والتطورات التي تمس أمنها واقتصادها وتوجهاتها السياسية.
**
هذه ليست نصائح بسبب عدم اطمئناني من موقف المواطن المضاد لكل كلمة تصدر من عدونا، وإنما هي مشاعر أملتها الثقة بالمواطن وبما نحن مقبلون عليه من تنويع إضافي في مصادر دخل المملكة، إلى جانب ما يمثِّله النفط من إيراد هائل لخزينة الدولة، فما أعلن عنه حتى الآن على لسان ولي العهد، وأكَّد عليه الوزراء المختصون يمثِّل نقلة نوعية، وحراكاً غير عادي في بناء الدولة اقتصادياً وصناعياً بأفضل مما هي عليه الآن.
**
ولي العهد طالبنا بأن نحلم، ومن الحلم سوف نقفز إلى آفاق أخرى، ومن الحلم سنجد أنفسنا أمام واقع جديد، وبالحلم يبدأ التفكير ثم الإعلان عن الخطط والبرامج فالتنفيذ لمشروعات عملاقة أعلن عن بعضها، وهناك الكثير مما يجهّز لوضع المواطن في صورتها الحقيقية، وكل شيء يبدأ بخطوة ثم خطوات محسوبة فخطوات بلا حدود.