فهد بن جليد
ماراثون الأطفال الصغار الموازي (لماراثون الرياض) الأخير ضمن الفعاليات المُصاحبة، كان الحدث الأهم والأبرز بالنسبة لي في هذا اليوم الماطر، لأنَّه ببساطة استثمار حقيقي ومُباشر لغرس لبنة جديدة تؤسس لثقافة رياضية غائبة عن الانتشار في مجتمعنا، عندما يُحاكي هؤلاء الأطفال (الحدث العالمي) الذي يشاهدونه بجوارهم، من خلال خوض مضمار المُنافسة مع أطفال أجانب من كل الجنسيات حضروا للجري لمسافات قصيرة والفوز بالجوائز، وهذا كفيل بتحويلهم إلى سفراء لنشر ثقافة المشي والجري بين أقرانهم، وكم تمنيت مُشاركة المدارس بحضور أوسع هنا.
على بعد أمتار قليلة تحدثتُ مع رجل إيطالي في الخمسين من عمره، يقف بين الجماهير في انتظار وصول الفائز بالمركز الأول، وسألته كيف يرى الحدث، فأجاب: بالنسبة لي أعيش مثل هذه المناسبات دائماً، لذا كنت سعيد جداً بتنظيم ماراثون الرياض، وحرصتُ على حضوره، ما رأيته شيء جيد كبداية من ناحية التنظيم، ولكن الجوائز المقدمة تبدو الأغلى والأبرز عالمياً وهذا سر التميز بذكاء.
أمّا السيدة منى محمد فقالت: أنا فخورة كسعودية بتنظيم مثل هذا الحدث، لا أعرف أحداً من المُشاركين لأسانده، ولكنَّني حضرت إلى هنا حتى أسجل حضوراً للمرأة السعودية، هي تجلس مع زميلاتها بين عشرات النساء الأجنبيات اللواتي يحملن أعلاماً لعدة دول إفريقية، حضرنَّ لمُساندة ودعم المُتسابقين من أبناء جلدتهنَّ، الأفارقة سادة الماراثونات العالمية فهم يحصدون الذهب في كل المحافل تقريباً، وكأنَّ الأمر له علاقة بتركيبة الجينات لديهم، فمهما كان تنوع جنسيات الدول للعدائين الفائزين، تبقى المراكز الأولى حكراً على عرق واحد وأصول مُتشابهة لأبناء القارة السمراء.
من عربة الجولف، إلى صعود الدراجة النارية، استقر بنا المقام داخل سيارة إسعاف، ونحن نُتابع ونصوِّر الفوج الأول من نحو 30 ألف مُشترك، زميلي المصور يقول: (مش المهرجان ده دولي، إزاي بننزل ونصعد بالطريقة دي) فقلت له جميع الطُرق كما ترى مُغلقة، وهذا يدل على حُسن التنظيم ودقته ومعاييره العالية، رغم صعوبة الأحوال الجوية، لو قمت بتغطية أهم الماراثونات العالمية، ستجد أنَّ الإعلاميين غير الثابتين في أماكن مُحدَّدة يقومون بما نقوم به.. اقتنع أخيراً ونحن نُجري مُقابلات مع السعوديين الفائزين بالمراكز الأولى ونتابع ذلك المُسن الذي أنهى السباق بينهم، ليسألني مُجدداً (مش الإثيوبي طار بالمليون)؟.. فقلت له نحن سعداء بمن قطع مسافة الـ 21 كم من السعوديين وواصل السباق، هذا إنجاز يا صديقي وهم يستحقون التشجيع من هيئة الرياضة.. لمحتُ مضمار الصغار مرة أخرى، وإذ بالمشهد كذلك لم يتغير عن مضمار الكبار، الفائزون بالمراكز الأولى أجانب دائماً، وهو ما يعني أنَّ فكرة إقامة وتنظيم ماراثون الرياض (صائبة جداً) ومُهمة لصنع الفارق في المُستقبل.
وعلى دروب الخير نلتقي،،،