د. محمد عبدالله العوين
يقصف نظام بشار المجرم الغوطة الشرقية على مدى أسبوع كامل بقنابل النابالم المحرمة في حملة إبادة منظمة لساكنيها وتدمير كامل لمبانيها كما ارتكب ذلك في مدن سورية عدة كإدلب وحلب وحماه وجسر الشغور ودير الزور وغيرها في استهداف طائفي وعرقي ذميم لتحقيق تغيير ديموغرافي تشترك في تنفيذه معه علانية روسيا وميليشيات إيران، ووصل تنفيذ المخطط إلى أكثر من غاياته فيما نسبته 90 % تقريبا من الأراضي السورية التي يقطنها السنة.
ما يجري الآن في سوريا وقبله في العراق من تطهير عرقي للعرب السنة الذين أصبحوا أقليات في مواطنهم الأصلية بسبب القتل العشوائي - بحجة مطاردة داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية - يتم تحت نظر العالم كله؛ لكن في صمت مطبق عما يجري وكأن العالم الصامت يراقب ما يحدث من مآسٍ في الأرض السورية وقبله في الأراضي العراقية ينتظر إنجاز مهمة التغيير الديموغرافي بنجاح في وقت قصير وبدون ردود أفعال تعيق التنفيذ.
ويشرف على مراقبة سير تنفيذ مخطط «الفوضى الخلاقة» التي بشرت بها كونداليزا رايس مجلس الأمن الدولي نفسه التابع للأم المتحدة بالمماطلة في حسم الموقف والإطالة في المفاوضات بين الأطراف المتنازعة في مسلسل طويل ممل بدأ بعد اندلاع الأزمة قبل سبع سنوات إلى الآن، وتنقلت المفاوضات من جنيف إلى فيينا إلى آستانة إلى سوتشي وفي كل محطة تبدأ من الصفر لا من حيث انتهت، في إصرار ممن يقودها إلى أن تطول كي تتحقق أهداف الحملات العسكرية الروسية الإيرانية الأسدية.
ولتأكيد نتائج المخطط لنتأمل كم عدد الذين قتلوا أو هجروا أو أصيبوا إصابات معيقة؟ وكم عدد الذين اعتقلوا ويعذبون في مسالخ بشار تحت الأرض في الأقبية المظلمة وفوقها؟ وكم دمر من مدن وقرى سورية؟ وتتشابه هنا الحالتان السورية والعراقية من حيث المخرجات وإن اختلفت في التطبيقات.
وإذا كان ما نراه مؤلما حقا لكل ذي ضمير إنساني حي؛ فإن مما يزيد المأساة أن الدول الكبرى التي تدعي رعايتها الأمن في العالم وهي أمريكا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا هي من تعترض إحداها في كثير من الأحيان على أي قرار يمكن أن يوقف المأساة باستخدام حقها في النقض، وهو حق مخصوص تحظى به الدول الخمس فقط!
مجلس الأمن يتألف من 193 دولة وبإمكان أية دولة من الدول الخمس الكبرى أن تعطل أي قرار يصوت عليه حتى لو اتخذ بالإجماع أو الأغلبية!
ويعني هذا السلوك الفوقي المتعالي أن الدول الخمس هي من يحكم العالم، وأنها الأعقل والأعلم والأرقى والأوعى والأكثر رشدا، وأن بقية دول العالم لا تملك من العقل أو العلم أو الحكمة أو الرشد أو التحضر ما يؤهلها لاتخاذ أي قرار يخدم الإنسانية!
وتفسير هذه الفوقية الاستعمارية أن تشكيل مجلس الأمن تم بعد انتصار الحلفاء على المحور في الحرب العالمية الثانية 1945م وصاغته الدول المنتصرة التي لا زالت تقطف ثمار ذلك الانتصار وتمارسه إلى الآن.
هذا العالم يحكمه المنتصر.