ياسر صالح البهيجان
رغم البداية المتأرجحة لقرار توطين قطاع الاتصالات وصيانة الجوالات إلا أن النتائج مؤخرًا أكّدت بأنه قرار صائب، وإن كان تطبيقه متسرعًا بعض الشيء، والحملات التفتيشية التي نفذتها وزارة العمل أكدت التزام 6493 منشأة بنسبة 94 % من إجمالي المنشآت بقرار التوطين، وبدأ القطاع يتعافى تدريجيًا مع تزايد الدورات التدريبية وتمرّس الشباب على العمل في هذا المجال الجديد نسبيًا.
العامل الفارق والذي أعتقد بأنه حجر الزاوية في نجاح توطين قطاع الاتصالات يكمن في تعقّب وملاحقة العمالة الوافدة المخالفة للقرار والتي تنتشر في الظل وتمارس البيع المتجول وتتخذ من السوق السوداء مرتعًا لها، لذا وجد المواطن مساحة أكبر لإثبات ذاته دون محاولات إجهاض لنجاحاته والتي كانت سائدة في السابق من قِبل بعض الوافدين.
توطين قطاع الاتصالات أكسب وزارة العمل خبرة جيّدة في فهم تحركات السوق ونوعيّة القرارات التي تحتاجها السعودة لتحقق أهدافها الوطنية، ما يجعلنا أكثر تفاؤلاً في خطوات التوطين المقبلة والتي ستشمل قطاعات أخرى حيوية بإمكان المواطن الاستفادة من إيراداتها، كما أن المفرح في الأمر أن الوزارة كسرت القاعدة التقليدية التي تشير إلى أن المواطنين الشباب ليس لديهم رغبة في العمل الميداني، وهي المقولة التي روّج لها بعض المستثمرين لنيل مكاسب وقتيّة في ظل تدني مرتبات العمالة الوافدة، دون تغليب للمصلحة الوطنية الكبرى.
الشاب اليوم خلع جلباب التحفّظ على العمل في بعض المهن، وأدرك بأن العائد المالي المجزي هو الدافع الحقيقي نحو حياة أفضل، وكل ما يريده هو تحركات جادّة تمامًا كتلك التي حدثت في سوق الاتصالات، ولديه من الكفاءة والذكاء لإتقان أي مهنة مهما كانت صعوبتها، كما أن تمكينه من الفرص الوظيفية لا تقتصر إيجابياته على البعد الاقتصادي الوطني فحسب، بل هناك أبعاد اجتماعية وأمنية سيجني مجتمعنا ثمارها إن جرى تقليص استقدام العمالة الوافدة وتقنين تواجدها وفق الاحتياجات الفعليّة، خصوصًا أن معظم تلك العمالة ذات تعليم متدنٍ وخبرات لا تكاد تذكر.
مستقبل التوطين يبشّر بالخير، وقد أعلنت وزارة العمل قبل أسابيع أنها بصدد توطين محلات السيارات، وبيع الدراجات النارية، والأثاث المنزلي والمكتبي الجاهز، والملابس الجاهزة، ومحلات الأطفال، والمستلزمات الرجالية، والأواني والأدوات المنزلية ابتداءً من شهر صفر المقبل، وهذه الخطوات هي الحل الناجح لخفض نسب البطالة وتحسين المستوى المعيشي لأفراد المجتمع شريطة أن تُطبق بصرامة وتغلّظ العقوبات على المخالفين والمتسترين.