صيغة الشمري
كنت أتحدث مع إحدى صديقات الفكر والمرحلة الإعلامية الطويلة التي تصر أن تقضيها في نقاشات طويلة لا نهاية لها حول الحلول التي تملكها لكل أزمات الدنيا وما يجب على الآخرين عمله لكي ينجحوا نجاحاً مبهراً، وعندما أرسلت لها مقطعاً مصوراً لفيلسوف هندي يتحدث فيه عن عامل شاي ينتقد الجميع ويفند اسباب فشلهم ويشرح الطرق التي لو سلكوها لأصبحوا ناجحين جدا في مجالهم بينما هو بنفس الوقت يقدم للزبائن شاياً رديئاً لايكاد أن يصلح للاستهلاك الآدمي، غضبت صديقتي في بداية الأمر ووجدت ان ما قمت به إهانة شخصية لها ولكنها مع مرور الوقت وجدت لي عذراً وربما لم تجد ولكنها قررت مسامحتي كعادة كل صاحب فكر لا يذهب بعيداً في تصعيد الخلاف ويخاصم نفسه قبل مخاصمة الآخرين حتى تجد الصداقة معه حتى وان كنت ضد افكاره وقناعاته في قمة الرقي والأمان، الذي يحدث في مجتمعنا يشبه كثيراً ما ذكره الفيلسوف الهندي، لو تأملت المشهد حولك ستجد الكثيرين ممن يشبهون عامل الشاي، بكل يسر ويسهولة يملك بعضنا الجرأة من تقليل نجاحات الآخرين وتهميش مجهوداتهم وربما الحكم عليهم بالفشل دون وازع من دين أو ضمير، بينما لو فكرنا قليلاً بلغة العقلاء لوجدنا انفسنا ذاك الشخص الذي ننتقده ونهمش جهده ونحن لا نملك الخبرة الكافية ولا التخصص الذي يؤهلنا لتقييم عمله والحكم عليه بالفشل أو النجاح، بالأمس القريب كتبت تغريدة امتدحت فيها جهد هيئة الترفيه لإقامتهم خمسة آلاف فعالية في أكثر من ست وخمسين مدينة سعودية، ذكرتها بالأرقام ليقيني بأن الأرقام وحدها هي التي لا تقبل الجدل والتشكيك ومن باب حث الجهات الأخرى على تقديم أعمالهم ونجاحاتهم بنفس الطريقة الواضحة، ورغم ذلك ظهر من ينتقد ويقلل ويهمش هذا الجهد الجبار بينما هو غير قادر على إقامة فعالية واحدة أصغر من ذلك بكثير! دائما الفاشلون أو غير القادرين على تحقيق نجاح يرضي طموحاتهم يهربون من هذا الشعور بانتقاص مجهودات الآخرين والتقليل من نجاحاتهم بطرق ربما تصل لحد القذف والتجريح والخوض في أمور شخصية!