د. خيرية السقاف
حين يحضر الحدث تختفي الكلمات..
تتحول لطفلة متسائلة تندس في ثوب أمها..
الحدث الذي يَمْثُل بمحتواه تتشكل في داخلها أسئلته
بلى فالحدث وحده الذي يبعث أسئلته فيها..
فيها وليس لها, لأنها تتحول لبؤرة استقطاب, وتفاعل..
لقِدْرٍ تُطبِخ فيه نارُ شغفها محتواه..
فكيف هي الطفلة فيها والأحداث تتوالى, تتداخل, تتلون, تكثر على خارطة الأرض؟!
حارقة, مدهشة, طاغية, مفزعة, مربكة, متناقضة, محيِّرة, مسرفة, شحيحة, جارحة, مقيدة, مُطلقة, سوداء, غائمة, متناقضة, مومضه, مزخرفة, كاذبة, جاذبة..,
مخالب مارد من شوك, ذو أظلاف تدك الوعي, تدمر الحس, تجنَّ العقل..
بلا صفة, بلا جهة, بلا عقل, بلا قلب..
قليلها لهب, كثيرها أتون, شحيحها برزخ..
فما الأبجدية القادرة على أن تشكل ما فيها من أسئلة عنه؟!..
عن الحدث حين يحضر, الحدث الذي يحضر بلا غياب,
الحدث الذي يهيمن بالحضور؟!
الحروف الثمانية والعشرون تلد ثمانية وعشرين أخرى, وأخرى, وأخرى, ولا تتوقف الولَّادة..
اللغة التي تحملها كقارب يبحر في فضاءِ براحٍ ينساب قمره مشعا بنقائه, في مسرى فضة مائه لم تعد بكل جيش حروفها الذي توالد, وكثر, وشق طوق الثمانية وعشرين حرفاً تستطيع أن تقف بها عند سؤال واحد عمَّا تشهد, تسمع, ترى, قبل أن تنفذ بها عن ثقب يومض لها بأي جواب؟!..
والشريط يكر عجلته, والحدث بألوانه, والأسئلة تتقافز على أطراف أصابعها, وهي فيها من الأسئلة ما كثيره بلا جواب, وقليله يستشرف عراق المعري, والجواهري والسياب, ودجلة والفرات..
ويحار عند سوريا البحتري, وبدوي الجبل, والغوطة, ويمن السعادة, ومأرب, والبردوني..
وتلك رحلة الشتاء والصيف..