محمد سليمان العنقري
بعد اثني عشر عاماً أي في العام 2030 م يفترض بموجب أهداف الرؤية أن يمثل القطاع الخاص 65 % من الناتج المحلي، وبما أن التوجه العام نحو الخصخصة وأيضًا إصدار تشريعات وأنظمة لتمكين القطاع الخاص من لعب الدور الأكبر بالاقتصاد الوطني قد بدأ فعلياً، فهذا يعني بالضرورة التعرف على إمكانات وقدرات منشآت القطاع الخاص ومدى استعدادها وجاهزيتها لكي تكون قائد النمو الاقتصادي
فليس سراً أن قدرات القطاع بالمجمل ليست بمستوى الأهداف المرصودة بالرؤية، ولذلك هو مطالب بالتحول كحال الأجهزة الحكومية المستهدفة ببرامج التجول الوطني، لكن ما يبعث على القلق هو الإشارات والاستنتاجات التي يمكن التقاطها من خلال حراك القطاع الخاص عبر ممثليه بمجلس الغرف السعودية لنقل وجهة نظرهم حيال أي قرارات هيكلية اقتصادية سواء بسوق العمل أو ببرنامج التوازن المالي، وكذلك تغيرات أسعار الطاقة والخدمات.
وهو ما يتضح من خلال ما ورد من نقل إعلامي لما يراه القطاع من تحديات في اللقاء الذي جمع ممثلي مجلس الغرف مع معالي وزير العمل، وما ينقل من تصريحات وآراء بوسائل الإعلام من مسؤولي الغرف التجارية ومنشآت القطاع، حيث يتضح عدم قدرتهم على تحمل أي تحولات بالتكاليف أو تغيرات بالأنظمة التي من شأنها رفع مستوى التنافسية بقطاع الأعمال دون الاستمرار بالاعتماد على الدعم والتحفيز الحكومي.
فرغم ما أعلن من خطط وبرامج حكومية لرفع معدلات النمو الاقتصادي بداية من هذا العام باعتماد أكبر ميزانية تقديرية للإنفاق بتاريخ المملكة عند 978 مليار ريال مع برنامج تحفيزي للقطاع الخاص بحجم 72 مليار ريال، إضافة إلى إنفاق استثماري من صندوق الاستثمارات العامة سيتجاوز 80 مليار ريال مع ما ستنفقه صناديق التنمية الحكومية بأكثر من 50 مليار ريال، وما تم اعتماده بالأوامر الملكية أخيراً لمواجهة غلاء المعيشة بنحو 50 مليار ريال ستصرف كبدلات وعلاوات للموظفين الحكوميين والمتقاعدين والطلاب والتي ستدعم قوة الفرد الاستهلاكية إضافة لحساب المواطن، إلا أن القطاع الخاص ما زال الصوت المسموع منه هو الشكوى من التحديات وارتفاع التكاليف دون النظر للكم الضخم من الإنفاق التحفيزي للنمو بالاقتصاد.
فهذه الآراء المقدمة من القطاع الخاص تتطلب فعليًا إعادة النظر بإمكاناته وقدراته وما يحتاجه من تأهيل ووقت وما يعانيه من ثغرات وتشوهات هيكلية وتنظيمية، وكم من الوقت يتطلب تحوله ليكون تنافسياً، وهل وصلت الأهداف الرسمية المنصوصة بالرؤية للقطاع الخاص كما يجب، وهل يتماشى مع التوجهات المستقبلية بدلاً من بقاء بعض مسؤولي وملاك المنشآت الخاصة في مربع العمل بالآليات السابقة التي كان يسير عليها الاقتصاد والتي لن تخدم الاقتصاد بالمرحلة القادمة وكان لابد من تغييرها جذرياً وهو ما حدث باعتماد رؤية 2030.
القطاع الخاص يبدو أنه لم ينجح بأول اختبار جهد بعد أن بدأ تنفيذ الهيكلة الاقتصادية رسمياً، وهو ما يعني أن الحاجة لإجراء فحص أكثر شمول ودقة لواقع القطاع الخاص ضرورة حتى يسهم بتحقيق أهداف الرؤية ولا يكون عائقًا للوصول لها.