مها محمد الشريف
من أسوأ ما يمكن أن تتعرض له الأمم أن تصاب في جسدها بورم فكري غير حميد، يخيفها ويقلقها ويعيق حركة نموها ويستنزف طاقاتها، بل يدفع بها نحو النهاية المؤلمة.. وفي عالمنا الإسلامي والعربي تحديداً نعاني من هذا الداء الذي انفجر دماً وألماً على أيدي من كانوا سببه أو ما يسمى بالإخوان المسلمين، ولا بد من التذكير أن الإخوان حركة إسلامية دموية وليست فقط مجرد معارضة في الدول العربية رغم ما يظهرونه من ولاء للأمة الإسلامية وتشتبك مصالحهم مع مرجعيات دينية عديدة سياسية اشتباكاً قوياً لها تاريخ متوارث تعيشه بامتلاء في كل العهود والحقب يريدون تحويل الدول العربية والإسلامية إلى دينية أصولية.
لأن هؤلاء اتخذوا منهجاً على خلاف ما عليه وحدة الأمة من الكتاب والسنة وما كانوا عليه في أفكارهم السوداء المتلاطمة التي لا تعرف إلا القتل والذبح باسم الدين ونهج تنظيماتهم الإرهابية في كل مكان ومن ثورة إلى ثورة بخطوات عملاقة وصلت إلى حيث الشقاق السياسي والخوف والفوضى ومراحله المتعددة في ليبيا مستغلين المنابر التي تحض علناً على إحداث الاضطرابات المدنية والفتن وترويج للأفكار الإرهابية التي تخدم أجندتهم وتكريس حياتهم للوصول إلى أهدافهم بتمويل داعش، وتنفيذ عمليات إرهابية بمصر والإمارات والسعودية.
إن هذه المكونات أتت على حساب المعتقدات فكانت إسقاطاً مغالياً وغير منصف صنع تفاوت وتحولات كبيرة أعادت الأمة الإسلامية والعربية خلف كواليس التيارات مما تسبب في إشكاليات كبيرة. نحن إذن نعيش أمام فصول قديمة تخطط لها عقول خفية قادمة من الشرق والغرب نابعة من فكر متشدد أصولي وإدارة مبهمة لتلك القوى الظلامية لن يعيش الإنسان بوجودها آمناً مستقراً ومفكراً يحافظ على عقله ويرفض هذه الانتكاسة التي أنهكت التطابق والمساواة والعدالة والمواطنة، ولكن التعسف الذي أصاب الجوانب المتنوعة بالخلل داهم أجزاء شاسعة من مساحة الحياة وأغلقت معها الجوانب المضيئة في الأذهان، إلى أن ساد الاعتقاد جميع الأنشطة فتنافرت الصورة والدلالة عليها.
بينما في الأصل يختبئ الإخوان خلف فظائع مشاهدهم وأفعالهم ضد السلطة التشريعية في كل دولة ولم يرتدعوا رغم كل ما لحق بهم من هزائم على الأرض، ذلك البعد منحهم احتلال مراكز قادتهم وتبنوا استراتيجيات آيلة للسقوط وهي أكثر خطورة على الشعوب، رغم ما يجدونه من رفض لمشروعهم، ولهذا السبب نشط دور الاستخبارات الأوروبية والأمريكية وكشفت مخبأهم ومخططاتهم ومؤامراتهم بعد أن خرجت الملايين في مصر إلى الميادين مطالبة بعزلهم وإقصائهم لما وجدوه من ثنائية مزدوجة خطيرة بالغة التناقض.
وأكدت الأحداث المأساوية في الدول العربية بعد الثورات ضلوعهم في جميع الكوارث التي حلت بالدول العربية وشعوبها بمساعدة إيران، فكانت ثورات ومؤامرات بكل تياراتهم الأصولية والجهادية هدفهم المنشود إضفاء الشرعية على الفوضى العارمة مثلما حدث في مصر وتونس، وغيرهما من البلدان. فقد أظهرت الجماعة الدسائس كوسيلة للصراع وتقاسمت المسؤوليات والمواقف في كل مكان حتى وصولها إلى تكوين فصيل إرهابي كإخوان أوروبا وأمريكا.
وارتباطهم الوثيق بالمشروع الإيراني في المنطقة وأطماعهم في السيطرة على الدول العربية فقد أصبحت سياسة مكشوفة عالمياً، لذلك ننتظر خطوة حازمة من الولايات المتحدة في اتخاذ إجراءات من شأنها كبح هذه الأطماع الإيرانية وإيقاف إرهاب الإخوان المنتشر في الجسد الإسلامي.