ناصر الصِرامي
التنقل، الترحال هو الأساس في حياة البشر.. من الإنسان الأول، وبالمعنى الحرفي لا يوجد إنسان أو تجمع بشري في نفس موقع أجداده أو أجداد أجداده.. حتى أنت..!
مسيرة البقاء والصراع والاكتشاف أيضا، جعلت من البشر دون استثناء أو طبقية، أو عرق أو جنس أو دين أو لون، ينطلقون في رحاب كوكب اسمه الأرض، قبل ان يتعرفوا على ماهيته وجغرافيته وشكله وملامحه ومناخه وموارده للبقاء فيه إلى حين...!
إلى اليوم وفِي قمة المدنية البشرية لا يزال الإنسان ينتقل من موطن إلى آخر، من ركن جغرافي إلى غيره، بحث عن الفرص والعلم وحياة أفضل أو الهروب من مأساة ما. وحتى اليوم يقودهم القدر إلى الاستقرار.. في أرض/ تراب/ جغرافيا/ موطن جديد، ليبقوا فيه لأجيال لاحقة... طبيعة بشرية هي الأصل.. وهي من حولت البدو الرحل جماعات وقبائل وأفراداً الى التحضر والاستقرار لاحقا. طبع إنساني لن يتغير ابدا..!
مع نشوء الدول بشكلها الحالي اليوم، أصبح الانتماء للدولة والوطن وفق الجغرافيا المتعارف عليها دوليا والحدود الرسمية للدول، - أصبح الانتماء للدولة- الوطن جزءا رئيسا من التعريف بالأشخاص -المواطنين -المنتمين والواقعين تحت مسئولية هذه الدولة أو تلك بما لهم من حقوق وعليهم من واجبات.
في السعودية الجديدة والمنفتحة اجتماعيا بشكل إيجابي ومتواصل، اصبح الجدل حول منح الجنسية لمن يستحقها نتيجة استقراره لأجيال هنا أو كوّن أمه سعودية، جدلا مسموعا في الأروقة الاجتماعية.
ومثل هذا الجدل عن منح الجنسية السعودية لم يكن متاحا من قبل، بل شبه محظور اجتماعيا وربما إعلاميا..!
كل ما نعرفه الان هو مقترح لمجلس الشورى السعودي لمراجعة نظام التجنيس، فقد وافقت لجنة الشؤون الأمنية بمجلس الشورى على دراسة مقترح لتعديل بنود في قانون الجنسية، أبرزها إمكانية منح السعودية المتزوجة من أجنبي جنسيتها إلى أبنائها.. هناك بنود أخرى ربما، لكنها غير معلنة حتى الان.
لكن ها هو المجتمع السعودي على الرغم من الردود العنيفة للبعض والرفض المطلق لأسماء إعلامية لموضوع التجنيس، من السخرية والفكاهة أيضا ان من بينهم من وصل نقدهم في مقالاتهم وتغريداتهم -مثلا- إلى الرئيس الأمريكي ترامب بسبب عنصريته!، ومنها من يقود حملة مضادة تقترب من الاقصاء ولاتهام للمؤيدين من الطرف المقابل.. لكن رغم ذلك فان هذا الجدل بما يحمله من ضجيج وعنصرية وصخب يكشف حجم التغير والانفتاح لنقاش عام ورسمي، كما لم يحدث من قبل!
من حق من كان احد والديه سعوديين ان يحصل على الهوية الوطنية، بنفس الطريقة لمن كان ابوه سعوديا وأمه من جنسية أخرى..!
هل سيشمل القانون جذب المبدعين والمبتكرين مثلا.. والحفاظ على اجيال عاشت لعقود طويلة في هذا الوطن ولا تعرف غيره.. ليس واضحا.
لكن من غير المفهوم سر المعارضة الشديدة للبعض لمنح الجنسية لطفل أو شاب أمه تحمل الهوية السعودية.. كما يمنح لنظرائه من أب سعودي وأم أجنبية..؟!