فهد بن جليد
في المقابلات الشخصية للحصول على وظيفة غالبًا ما يركز الأشخاص الذين يجرون الاختبار على طرح أسئلة مكررة حول المؤهلات العلمية، والخبرات العملية، وغيرها مما قد تفسره وتجيب عنه ورقة الـCV، ويتجاهلون أمور - برأيي - أنها أهم، ولا يجب إغفالها، حول فكر الشخص، واستعداده وأحلامه وطموحاته، التي تعكس جانبًا هو الأهم في تحديد مناسبته للالتحاق بفريق العمل، وصلاحيته لهذه الوظيفة أم لا. ويمكن أن تكتشف ذلك عندما تسمع بعد فترة تذمر المسؤولين عن توظيف شخص ما بأنه خيّب آمالهم؛ فهو دون الطموحات المتوقعة، ويلقون باللوم على شهادته ومؤهلاته التي خدعتهم. والحقيقة إن لجنة المقابلة غير المؤهلة والمتخصصة هي التي تخدع نفسها بنفسها غالبًا؛ لأنها بحثت عن بريق المؤهل والشهادة - وهي مهمة بكل تأكيد - ولكنها ليست كل شيء؛ فثمة نقاط توازيها في الأهمية؛ لا يجب إغفالها.
قليلة تلك المنظمات التي تستعرض شهادات ومؤهلات موظفيها كنقطة قوة أو ميزة. الغالب أن لقب دكتور مهندس.. إلخ يختفي من الأسماء. الإنجازات هي المحك الحقيقي للقياس والتمايز بين الناس في كل المجتمعات. في نهاية المطاف لن تذهب لطبيب بمبرر أنه خريج أرقى الجامعات العالمية, بل ستذهب لطبيب آخر يملك خبرات كبيرة ومتميزة، ولديه تجارب حقيقية، ومشهود له بعلاج الكثير من الحالات المشابهة على أرض الواقع؛ لذا لا يجب التركيز على معيار المؤهل فقط، الذي سيتحول بكل تأكيد إلى ميزة تفضيل، عندما يرافقه خبرات ودورات تأهيلية وتدريبية، ترجح الاختيار هنا على من سواه.
اليوم هناك الآلاف من السعوديين من حملة الماجستير والدكتوراه ما زالوا يبحثون عن عمل، أغلبهم يحملون مؤهلات عالية من أرقى الجامعات العالمية بفضل برنامج الابتعاث. وفي المقابل الجامعات تخرّج سنويًّا أضعاف هؤلاء من الداخل ممن لا يقلون مستوى علميًّا عن سابقيهم. المشهد يعكس حجم المنافسة للحصول على وظيفة؛ وهو ما يجعل لجان الاختبار في مأزق حقيقي بين تفضيل المبتعث الحاصل على شهادة (أجنبية)، ولديه لغة أخرى، وخريج الداخل الذي قد يملك الخبرة اللازمة والتجربة الكافية التي تؤهله للحصول على وظيفة. في كلتا الحالتين لن يشغل الوظيفة سوى شخص واحد، والآخر سيعود لدوامة البحث عن وظيفة.
أشعر بتعاطف كبير مع خريجي برنامج الابتعاث الذين يهددهم شبح البطالة، ويجبرهم على القبول بمراتب أقل من طموحهم، ولكن هل هذا يعطينا الحق في إلغاء فرصة خريجي الداخل كذلك في الحصول على الوظيفة، وتحويلهم إلى عاطلين محتملين؟
وعلى دروب الخير نلتقي.