حميد بن عوض العنزي
على القدر الذي يمثله الوقف بوصفه أحد المكونات التنموية والاقتصادية، وأهمية تعزيز هذا القطاع بالعوامل المساعدة التنظيمية، سواء التشريعية أو الإجرائية، إلا أنه يبقى قطاعًا له خصوصية من حيث ممارسة «الاجتهاد» تجاه أي من مكوناته الأساسية ذات العلاقة بالجوانب الشرعية، ولاسيما من غير المتخصصين فيه. وملتقى الأوقاف الأخير الذي نظمته لجنة الأوقاف بغرفة الرياض شهد مناقشات عميقة وجادة. وإن كنت أكتب هنا ولست من المتخصصين إلا أنني توقفت بحاستي الصحفية عند كثير من النقاط التي أثارها المشاركون، منها ما تحدث به أحد المشاركين حينما نبّه إلى أن طبيعة (الخفاء) الاقتصادي للأوقاف تعتبر جزءًا من المقاصد الشرعية للوقف، داعيًا إلى التأمل والتريث في مقاصد الحوكمة والتدقيق؛ لأن مقاصد الشريعة تذهب في اتجاه الإخفاء، وهذه واحدة من الملاحظات التي تحتاج إلى دراسة وبحث، مع أنه من حيث المبدأ لا يبدو هناك تعارض بين الإخفاء كمقصد شرعي والحوكمة كضابط ومراقب لتحقيق مقاصد الوقف. وهذا أيضًا ما قال به بعض المشاركين في الملتقى، فقالوا إن الخفاء في بعض الحالات يحتوي على جوانب سلبية، ويتمظهر أحيانًا في غير الخفاء المقصود في الجوانب الشرعية.
** مما لا شك فيه أننا أمام إرث كبير من العمل التقليدي، سواء على مستوى الإدارة أو قنوات الاستثمار، وهو ما يتطلب عملاً تطويريًّا كبيرًا، يُحدث نقلة لهذا القطاع، مع الاهتمام بالحفاظ على المكونات الأساسية، ولاسيما الشرعية، وبما لا يهمل آراء ومطالب الواقفين الذين هم مداد هذا العطاء الخيري والتنموي والاجتماعي. ولعل هيئة الأوقاف تقود تفعيل مبادرات غير تقليدية تجاه دعم تنظيم هذا القطاع بما يسهم في تعظيم أثره في العمل التنموي في بلادنا.