انطوت الأعوام والسنون وهذا الإعلامي الكبير يؤدي دوره الإذاعي وعمله الإذاعي انطلاقًا من إذاعة جدة التي شهد عبد الله راجح ولادتها على عهد وزير الإعلام الأسبق عبد الله عمر بلخير. وكانت الإذاعة وسيلة إعلامية وثقافية للمجتمع؛ إذ تتوافر آلة المذياع لمن يريد أن يسمع الخبر والبرنامج والحوار بشتى المواد الثقافية والاجتماعية والإنسانية.. ثم أتى التلفاز ليكمل جانبًا آخر من التغطية الإعلامية بالصورة والصوت.
عبد الله راجح استمر مددًا متطاولة على أنه فيما بعد استقر على التقديم الإذاعي والتواصل أمام «المايكروفون» مع جمهوره الذي أصبح معتادًا على نبرات صوته؛ ما جعله متميزًا في تقديم البرامج بصفة عامة بإذاعة جدة العتيقة. عشق عبد الله راجح التقديم الإذاعي، وجعله مهنة أدبية وثقافية واجتماعية لثقته ثقة تامة بأنه يقدم عمله الإعلامي بجودة معنوية وثقة شخصية.. متمكن لانطلاق صوته عبر الأثير؛ فيبدأ المستمع مدركًا أن صوته المسموع قد سجله في ذاته ومسمعه، وأن هذا المذيع هو من ينتظر لصوته الذي غدا يعرفه تمام المعرفة، وأنه المقصود للسماع، سماع نشرة الأخبار، أو تقديم البرنامج، أو الحوار مع مسؤول، أو ينقل حدثًا على الهواء، أو بإعداد برنامج وهو مقدمه.. الشيء الذي يجعله مؤلفًا ومقدمًا في الوقت ذاته، لا محدود بالتقديم فحسب، وإنما بالتأليف كما يقال في عالم الإعلام، بأن فلانًا هو صاحب فكرة البرنامج، وهو مخرجه في الوقت نفسه. فالراجح عند الإعلامي والإذاعي عبد الله راجح هو وجهه وصوته، الراجح على برامج المذياع لا التلفاز، خاصة إذا عرفنا أن عمله خاصة في الإذاعة قاب قوسين على الخمسين عامًا راجحًا أو متأرجحًا من حيث الزمن العملي والتفعيل الشغلي بالإذاعة.. وهنا لحظة تذكر لبعض من رافقه بالإعلام الإذاعي خاصة، منهم: د. محمد صبيحي ود. بدر كريم وسليمان عبيد وعبد الله رواس ود. حسين نجار وأ. أمين قطان وأ. علي داود... إلخ. هؤلاء كان الواحد منهم يحمل مسؤولية لا إذاعية فحسب بل على الواحد منهم مسؤولية إعلامية ووطنية واجتماعية لبلده ومجتمعه وعمله من خلال كل وسيلة إعلامية، بدءًا بالمذياع، وامتدادًا بالتلفاز والصحافة ومراكز أخرى لها صلة عملية بالإعلام.. ويبدو ذلك جليًّا في ذاك الزمن الجميل أن أي واحد من هؤلاء كان يشاهده في شوارع جدة القديمة أي رجل، شابًّا أو كهلاً، يقول: هذا المذيع عبد الله راجح، أو ذاك بدر كريم بسيارته أو عربته؛ وهو ما يظهر شهرة الإذاعي أو الإعلامي سلفًا، أو أن واحدًا من هؤلاء عندما يُسأل: ما تود أن تكون بعد التخرج من الثانوية؟ فيجيب: مذيعًا؛ وهذا على شهرته الإذاعية.
** **
فاروق صالح با سلامة - الكاتب والمتعاون مع إذاعة جدة في التدقيق اللغوي