بعد تحديد موقع حجر اليمامة وسوقه في المقالين السابقين، وقد احتجت لهذين التحديدين، وقد أسفر عن ذلك كذلك تجديد بلدتين من بلدات حجر، هما وبرة والشط كما سبق أن أوضحت. هذا وقد صاحب تحديدي للشط علامة أخرى تزيد الأمر وضوحًا زيادة على وضوحه عدا البعد والاتجاه عن حجر وقد أشار إليها ياقوت الحموي في معجم البلدان ج 3 ص 344 حين قال «وشط الوتر باليمامة أيضًا، وهو كان منزل عبيد بن ثعلبة وحصن معتق». فقد ربط موقع الشط ها هنا بالوتر، وهو وادي البطحا (حاليًا).
ووصفه بحصن معتق. قال الأستاذ خالد بن أحمد السليمان في كتابه الماتع (معجم مدينة الرياض) من إصدارات دارة الملك عبدالعزيز ص 72: «المرقب: حي عامر، يقع شرق الرياض على ضفة وادي الوتر، كان به قلعة عامرة، بقي منها أثر صغير..».
وقد سبق أن حددت في المقال السابق أن المرقب هو الشط على وادي البطحا (الوتر سابقًا)، مع ملاحظة أن الوتر بالتعريف هو وادي البطحا، أما بالتنكير (وتر) فهو وادي صلبوخ.
السوق المختبئة:
وهي بلدة أخرى من بلدات حجر، وقد أشار إليها الحسن بن عبدالله الأصفهاني في كتابه بلاد العرب، ولم أرَ من القدماء والمحدثين من أشار إليها سواه. قال في ص 258، 259 من كتاب بلاد العرب: «إذا خرجت من السوق فأدنى ماء ينسب من النخيل المنسوبة السوق المختبئة، وهي منازل لبني جبيرة بن عبيد من بني سيار».
«ثم تصعد مستقبل المغرب فأول ماء يستقبلك ياية، وهي لأخلاط من الناس فيها من آل سويد، وهم من طي...». ونظرًا لندرة وشح النصوص المتعلقة بهذه السوق المختبئة فهي مختبئة في وصفها أيضًا مما احتاج معه إلى المزيد من التحليل والتوسع فيه..
فليعذرني عزيزي القاري؛ فالمؤلف لم يحدد لنا كعادته البُعد والاتجاه عن حجر، بل اكتفى بوصفها بالقرب من سوق حجر (المقيبرة) (انظر مقالي عن سوق حجر). والوصف بأنها مختبئة، وأن الموضع الذي يليها (ياية) يقع إلى المغرب منها، وأنه أعلى منها تضاريسيًّا. وينبغي ملاحظة أن الوصف بأنه المغرب يعني أنها في جهة مغرب الشمس أي إلى الغرب الجنوبي. ومن هنا فإن موقعنا - من وجهة نظري - ينطبق على سوق الشميسي بقرب طلعة الشميسي إلى الشرق منها، وهي لا تزال إلى عهدنا سوق حافلة، ولكنها أقل حجمًا من المقيبرة (سوق حجر)؛ فلذلك هي لن (تزعل علينا) إن سميناها (السوق المختبئة)؛ فهي إلى المغرب منها فوقها ياية التي سنتحدث - بمشيئة الله - لاحقًا عن تحديد موقعها، وهي تنسب إلى بني سويد، فهي السويدي.
الكرس:
وهي من بلدات حجر اليمامة، وقد رسمها الهمداني أو محققو الكتاب (الكرش). وقد يكون تصحيفًا. قال الهمداني في صفة جزيرة العرب: «والعرض هو واد باليمامة من أعلاها إلى أسفلها، وفيه قرى ينزلها بنو حنيفة، أسفله (الكرش) قرية بها بنو عدي بن حنيفة، وإلى جنبها قرية يقال لها منفوحة لبني قيس بن ثعلبة، وفوق ذلك قرية يقال لها وبرة..». إذن وصف الهمداني هذه القرية أو البلدة بأنها على وادي العرض، وهو وادي حنيفة، وأنها إلى جنب منفوحة، وأن أهلها بنو عدي بن حنيفة.
أما ياقوت الحموي فقال في معجم البلدان ج 4 ص 451: «الكرس: قرية من قرى اليمامة، لم تدخل في صلح خالد في أيام مسيلمة الكذاب». وقال الحفصي: «الكرس بكسر الكاف نخل لبني عدي. وقد أنشد أبوزيد الكلابي:
كأن حمولهن موليات
نخيل العرض أو نخل بكرس
انتهى بتصرف (حذف)
مما سبق من الأوصاف نجد أن ذلك ينطبق بقوة على منطقة البيضاء والمشحّم إلى الغرب من شارع الفريان قبل أن يلتقي من الطريق الدائري الجنوبي، وهو مبانٍ ومزارع قديمة في الطرف الشرقي من حي اليمامة..
ولكن ماذا قال المعاصرون عن الكرس؟ فلم يحددها كل من الأستاذ عبدالله بن خميس - رحمه الله - والأستاذ عبدالله بن محمد بن شايع.
أما الأستاذ خالد بن أحمد السليمان فقد حددها في كتاب معجم مدينة الرياض بأنها القريشية جنوب منطقة العود، ولكن القريشية لا تقع على وادي العرض (وادي حنيفة). وهذا مخالف لوصف الهمداني؛ فهي إذًا البيضاء والمشحّم.
- عبدالله بن عبدالرحمن الضراب