د. محمد بن فهد بن عبدالعزيز الفريح
رحم الله سماحة شيخنا عبدالعزيز بن باز، ورحم الله شيخنا سعد الحصين إذ كتب الثاني إلى الأول يخبره أن الملك حسين منع إقامة تمثال ويطلب منه شكره على هذا الموقف, فكتب سماحته ما نصه: (من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى حضرة جلالة الملك الكريم حسين بن طلال ملك المملكة الأردنية الهاشمية -عمان- وفقه الله لما فيه رضاه ونصر به دينه آمين
.. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فلقد أبلغني صاحب الفضيلة الشيخ سعد بن عبدالرحمن الحصين الملحق الديني بسفارة المملكة العربية السعودية في عمان في كتابه المؤرخ في 5-1-1417هـ أن جلالتكم قد منع إقامة تمثال لكم في عمان، فسرني ذلك كثيراً، وشكرت لجلالتكم هذا العمل، ورأيت الكتابة إلى جلالتكم في ذلك شاكراً وراجياً من جلالتكم إصدار الأمر الكريم بتحكيم الشريعة المطهرة في المملكة الأردنية الهاشمية في جميع الشئون، كما حكم بها جدكم أفضل الخلق محمد -صلى الله عليه وسلم- وحكم بها خلفاؤه الراشدون وأئمة الهدى بعدهم؛ عملاً بقول الله سبحانه: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.. وقوله عز وجل: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}.. {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}..{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}. ولا يخفى على مثل جلالتكم أن في تحكيم الشريعة المطهرة صلاح أمر الدنيا والآخرة والفوز بالسعادة الأبدية.
فأسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يشرح صدركم لذلك ويعينكم عليه، وأن يصلح لكم البطانة، وأن يعيذنا من مضلات الفتن وبطانة السوء ونزغات الشيطان أنه جواد كريم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مفتي عام المملكة العربية السعودية..
ورئيس هيئة كبار العلماء..
وإدارة البحوث العلمية والإفتاء).
تذكرت هذا الخطاب حين علمت بالتوجيه الكريم من الأمير المهاب خالد الفيصل -سلمه الله- في قطع وسائل الشرك, وأسباب الضلال, حول شجرةٍ يتبرك بها الجهال وبعض أهل الضلال، ويعتقدون حولها ما يعتقدون, وقد كانت النصائح لأولئك الذين قصدوا المكان للتبرك ونحوه تتلى, والآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر يوجهونهم, ومع ذلك كانوا على فعلهم دائمين.. والله سبحانه يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن, فقام أمير منطقة مكة قومة عظيمة, وفعل عزمة من عزماته المشهودة, فسوى المكان المقصود, وعظَّم جناب التوحيد, وعطل أفعال الشرك والجهل. وإني والله أرجو بركة هذا الفعل على البلد كلها, وهذا هو الواجب مع كل وسائل الشرك, وأسبابه, فهذه البلاد المباركة المملكة العربية السعودية بلاد توحيد وسنة منذ قيامها من ثلاثة قرون وحكامها مستمرون على نصرة التوحيد ومحاربة الشرك, هذا قدرها, وهو واجبها, كما أنه سبب عزها, ومصدر قوتها.
ولا شك أن خادم الحرمين الشريفين -متّع الله المسلمين بوجوده, وأعز به دينه-؛ إمام حازم, وسيف قاطع, من أعرف الناس بدعوة التوحيد وما قامت عليه المملكة العربية السعودية من منهج سلفي بلا إفراط ولا تفريط, وكل ما يعكر صفو الدعوة؛ فهو قادر -بإذن ربه- أن يجلوه حتى يعود كدرها صفواً, فهم أهل العوجا, لما وصف بعضهم دعوة الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله- بأنها دعوة عوجا؛ قال آل سعود أنصار دعوة التوحيد رحم الله حيهم وميتهم: «نحن أهل العوجا».
حفظ الله خادم الحرمين الشريفين, وحماه, وولي عهده وجعلهما مباركين, وموفقين لكل خير, ومنصورين بالحق, وشكر الله للأمير خالد الفيصل فعله, وشد الله من أزره, وأثابه وجميع من نصر التوحيد وحققه.
** **
- عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء