لعل الترحم والدعاء هو خير ما نعزي به أنفسنا ونعزي به إخواننا أهل الرس المتأثرين في فقد شيخهم الجليل حمد العقيل قاضي محكمة الاستئناف وإمام وخطيب جامع الشايع الكبير وإمام الأوقات في مسجد والده -مسجد عقيل- ورئيس جمعية تحفيظ القرآن ورئيس مجلس إدارة جمعية الأيتام وعضو مجلس الدعوة والإرشاد ورئيس مجلس إدارة جمعية البر بالشبيكية ومن عرف بمساعدة المحتاجين والمصالحة بين المتخاصمين وليس بكثير أن يحضى إنسان بهذه الصفة على هذا القدر من محبة الناس له وتأثرهم الشديد على فراقه والذين طفقوا منذ الدقائق الأولى لانتشار نبأ وفاته إلى تعزية بعضهم في المساجد والأسواق والتجمعات وعبر وسائل الاتصال الثابتة والمحمولة وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، سائلين الله أن يحسن وفادته وينور له قبره ويجعل قبره روضة من رياض الجنة ومما استطعت رصده من عبارات التعزية والرثاء في مواقع التواصل هذه الأبيات للأخ بدر الصبي:
الشيخ والله كل ابونا فقدناه
الرس كله والمساجد والايتام
له سيرة تشكر بها الطيب شفناه
ونصايح تاخذ علامات واعلام
صحيح ذا مكتوب والله عرفناه
لكن فقده يدمي القلب باسهام
يالله يا غافر ذنوب ارتكبناه
تقبل حمد وتصير اهله والايتام
وكما تأثر بنبأ وفاة الشيخ -يرحمه الله- عامة الناس فقد تأثر بذلك خطباء الجمع في اليوم التالي لوفاته والذين أسهبو جزاهم الله خيراً في الترحم على فقيد أحد منابرهم وذكروا مايعرفونه من محاسن الشيخ امتثالاً للأثر الوارد لي ذلك (أذكروا محاسن موتاكم) وهي محاسن كريمة يزينها حسن الخلق فلا تراه إلا مبتسماً متهللاً متودداً إلى محدثه وكأنه المعني بهذا القول:
تراه إذا ماجئته متهللا
كأنك تعطيه الذي أنت سائله
ولعل ما حظي به الشيخ حمد من أخلاق فاضلة موصول بعد توفيق الله ببركة الأدعية القرآنية الكريمة الجارية على لسانه ومنها دعاء أهل الكهف: {رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} ودعاء موسى عليه السلام: {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي}. فكانت أموره ميسرة وكان موفقاً في كل ما يأتي وما يدع عاش كريماً سخياً ًسعيداً ومات إن شاء الله تعالى تقياً نقياً حميداً. وكما كان شيخنا الجليل يرحمه الله موفقاً فيما رزقه الله من العلم والخلق الرفيع والعمل النافع للجميع فقد كان موفقاً بما رزقه من شرف الانتماء إلى أسرة كريمة متصلة النسب بأهل بيت النبوة؛ فآل عقيل كما في كتاب أعلام الرس لمؤلفه عبدالله العقيل هم العقيليون سكان المدينة المنتمون إلى علي بن أبي طالب؛ ومما يؤكد صحة هذا الانتماء اهتمام سلف هذه الأسرة بهذا الانتماء وتوثيقه ومن هؤلاء السلف صالح بن سالم العقيل المتوفى سنة 1259هـ والذي كتب وفيات آل عقيل ممن توفو بالمدينة ودفنو بالبقيع وأرخ ذلك باليوم والشهر والسنة. نكرر الترحم على شيخنا الجليل ونقول ما قاله عبدالله الفيصل في رثاء والده:
والله ما حطك بالقبر لكن امنت
باللي جعل دفن المسلمين مسنون
- محمد حزاب الغفيلي