رقية سليمان الهويريني
يضيق الكُتَّاب ذرعاً - وأنا منهم - من رفْضِ رئيس التحرير إجازة بعض المقالات المثيرة للجدل. ونسخط ونتبرم ونجادله في مضمونها وندخل في حِجاج لمحاولة نشرها، وإن لم يفعل؛ ننعته بخفض سقف الحرية! دون إدراك منا لمغبة الحماس وعاقبة الاندفاع بنشر بعض الأفكار التي تُصادم المألوف أو تخالف الثوابت الاجتماعية!
ويقوم رئيس تحرير الصحيفة - بصفته حارس البوابة الصحفية - بمنع نشر بعض المقالات حرصاً على كُتَّاب صحيفته وتجنيبهم التوقيف الرسمي عن الكتابة أو الغرامات أو حتى إثارة الرأي العام واستفزاز مشاعر الناس بالمبالغة في عرض الآراء، وحفاظاً على قوة النسيج الاجتماعي أو إحداث البلبلة.
وإن كانت مسؤولية رئيس التحرير تجاه الكُتَّاب تتوقف عند الكتابة والنشر بالصحيفة؛ فإنه ليس بمقدوره منع الكاتب من التغريد في حساب تويتر أو المشاركة في البرامج التلفزيونية عبر الفضائيات، وهذا هو الفخ الذي يقع فيه بعض الكُتَّاب باستدراجهم للتعبير عن آرائهم الشخصية حول قضية ساخنة، وانطلاقهم بعيداً عن المرور من حراسة البوابة الصحفية!
وما فتئنا نفقد يوماً بعد يوم بعض الكُتَّاب الذين حققوا نجومية لصحفهم وشهرة لأنفسهم، ونأسى على وقوعهم بجريرة ألسنتهم برغم نجاتهم بأقلامهم من فضل الله ثم نباهة وحكمة رؤساء التحرير الذين يعملون كصمام أمان لخبرتهم الطويلة وإدراكهم بما يناسب الوضع الاجتماعي والحال الوطني!
إن توقيف الكاتب عن نشر مقالاته في الصحيفة مؤلمٌ، وهو قد اعتاد الكتابة والنشر، وموجعٌ لمن تعود التنفس بالحروف وسكب الخواطر بمداد الفكر. برغم ثقتي أن ذلك قد يكون حفاظاً عليه من الثورة الاجتماعية أو التمادي في تيه الشعبوية أو عنجهية الهوى أو استعلاء النفس.
ولعلي هنا أقترح - بلا وصاية - بالتأني في اختيار المصطلحات واختيار العبارات وانتقاء الألفاظ عند التغريد أو اللقاءات التلفزيونية المباشرة، والحذر من الاستدراج لطرح رأي مخالف أو التعليق على حدث ساخن حمَّال أوجه كيلا يُساء الفهم فيعقبه ندم.
ويبقى تسطير القلم وإعادة قراءته، ونكهة الحرف أفضل من فلتات اللسان، وفرق بين قلم متزن ولسان متهكم ولاذع!