فهد بن جليد
لحظة الخروج من السجن قد تكون أقسى على بعض النزلاء من صعوبات دخوله - هذه حقيقة مؤلمة - يشعر بها من تتهادى بهم أقدامهم ببطء صوب الأبواب المفتوحة، لأنَّ القيود المعنوية التي قد يفرضها المجتمع لمُعاقبة المُفرج عنه بقية حياته - أكثر ألماً وجرحاً - من كل أيام وسنون الحبس التي مرت به، تجارب عديدة (لقاءات تلفزيونية ومقابلات شخصية) أكدت لي أنَّ بزوغ شمس يوم حرية السجين للعودة للحياة والمجتمع، لا تضمن بالضرورة ولادة حياته من جديد كما نعتقد, مالم يصاحب ذلك احتضان من المُحيطين به، وتقبل من المجتمع ببرامج توعوية وتثقيفية، مع سن أنظمة وقوانين تساعد هؤلاء على تجاوز محنتهم وماضيهم المؤلم، بالحصول على فرصة جديدة لفتح صفحة أمل يُغيرون بها حياتهم نحو الأفضل، والمضي قُدماً دون عقبات أو حرمان أو تمييز، طمعاً في تحول الصادقين والجادين منهم لأشخاص صالحين ونافعين، تعلموا من الدرس الأول.
- خبر مفرح - ذاك الذي كشف عن برنامج (ثقة) الذي تعمل عليه المديرية العامة للسجون ضمن برامج الرعاية اللاحقة، من أجل تعزيز ثقة النزيل بقدراته وإمكاناته، وتهيئته قبل 6 أشهر للخروج تدريجياً لزيارة أسرته والقيام بأنشطة دينية واجتماعية وثقافية ورياضية, وخضوعه للتدريب والتأهيل ومساندته للحصول على فرصة عمل مناسبة له بالتعاون مع القطاعين العام والخاص، لحين الوصول لساعة الصفر - ساعة الخروج من السجن - التي تعني وقت حصاد زراعة (الأمل والثقة) بالقدرة على الاندماج الكامل مع المجتمع والاستقرار النفسي والوظيفي، الذي يُلغي المفهوم الأول عندما ينتقل النزيل من السجن الضيق إلى السجن الأكبر، ويصطدم برفضه ومحاصرته ومنعه من العديد من الوظائف والأنشطة (العادية), وكأنَّ المجتمع يعيد مُحاكمته ومُعاقبته مرة أخرى.
مساندة النزيل المُفرج عنه لتجاوز صعوبات - ما بعد الخروج من السجن - ضرورة اجتماعية قد يغفل عنها حتى أقرب الأشخاص إليه، لنُغير تلك النظرة السلبية الشاملة التي لازمت كل من خرج من السجن، وكأنَّه مجرم مُحتمل، ولنمنح هؤلاء فرصة العودة كأشخاص صالحين ونافعين، فمعظمهم خاض تجربة قاسية يفترض أنَّها زادت لديه الخبرة والمراجعة التي دفع ثمنها من عمره وحريته.
وعلى دروب الخير نلتقي.