د. محمد عبدالله العوين
تعمد تميم أن يرأس وفد بلاده إلى مؤتمر ميونيخ الرابع والخمسين للأمن العالمي بدلا من أن يوكل هذا الأمر إلى وزير خارجيته كما هو شأن معظم الدول المشاركة في المؤتمر؛ سعيا منه إلى إظهار قدر كبير من الشجاعة في مواجهة الدول الأربع المقاطعة له، في الوقت الذي صاغ خطابه وألقاه بنبرة شاكية باكية متسربلة بادعاء المظلومية من «جيران طامعين»!
بذل تميم جهدا فائقا ليبدو متماسكا مبتسما وكأنه لا ينطوي على ألم هزيمة داخلية مرة؛ لانكشاف دور قطر في تنفيذ مخطط «الفوضى الخلاقة» كما أسمتها كونداليزا رايس وما أحدثته في المنطقة العربية من خراب ودمار وإراقة دماء وتشتيت شعوب وتقويض أنظمة.
ظهر متباكيا بدموع التماسيح أمام العالم، فقطر - حسب زعمه - دولة محبة للسلام، راعية لحقوق الإنسان، لا تضمر شرا لأحد، بل إن بعض جيرانها - كما يدعي - ينطوي على مطامع في قطر!
يقول فيلسوف قطر الملهم: إن الأيدلوجيا المتطرفة لا تصنع الإرهاب، كأنه يريد أن يمنح نفسه البراءة من تهمة إيواء إرهابيين؛ بحيث أصبحت الدوحة الملاذ الآمن لكل متطرف ولأية أيدلوجيا ناقمة ولكل خائن لبلاده، تمنحه اللجوء والمنابر الإعلامية والمال وجواز السفر المزيف والاختفاء في سفاراتها والتنقل بسياراتها الدبلوماسية، وكأن قطر لم تؤجج وتحرض وتؤلب وتنسق لإشعال النار في العواصم العربية ومد الفوضويين والعملاء بالمال والسلاح، أبدا كأنها لم تشتر أطنان الأسلحة للفوضويين الذي يزعمون أنهم «ثائرون» يطالبون بالحرية والعدالة كشعارات براقة خادعة في لافتة «الربيع العربي» المزعوم، أبدا لم ترسل قطر أطنان الأسلحة للجماعات الإرهابية التكفيرية في سوريا والعراق واليمن وليبيا، ولم ترس السفن القطرية محملة بأطنان الأغذية والمؤونة والسلاح لمن أسمتهم الثوار في ليبيا كي يسقط النظام وتدخل في الفوضى، لم تدفع أكثر من مليار دولار فدية للحشد الشعبي في العراق كي يستطيع مواصلة تدمير المدن السنية، لم تمد الحوثيين العملاء لإيران ولا الإرهابيين في القطيف بالمال والسلاح، لم تؤجج حالة من الفوضى في البحرين بدعم إرهابيي اللؤلؤة بالمال والسلاح والدفاع عنهم في منبر الجزيرة الإرهابي، وكأن قطر لم ترسل دولارا واحدا لخونة بلادنا في لندن ولم تتكفل بتحمل تكاليف بث قناتهم ولا ما ينتجونه من كذب وتزوير، ولم تشتر لهم المنازل أو تدفع لهم المرتبات الثابتة.
قطر حسب سلسلة أكاذيب حاكمها المتباكي المسالم المظلوم تدعو بكل براءة إلى تكوين حلف شرق أوسطي يدعم السلم والأمن في المنطقة على غرار الحلف الأوربي، في مفارقة عجيبة تثير السخرية المرة من أن من يروج لدعاوى الأمن والاستقرار والسلام هو أول من يجهز عليها وينحرها نحرا بخيانته لقيم الجوار والعروبة والتاريخ المشترك.
فيلسوف قطر الملهم يقول: إن الأيدلوجيا المتطرفة لا تصنع الإرهاب!
صنع الإرهاب حين تتحول من أقوال إلى أفعال قاتلة مدمرة على يد من يؤويها ويمدها بالسلاح والمال ويمنحها المنابر الإعلامية كما تفعل الدوحة.