د. خيرية السقاف
ما المعادل للسقوط في الجحيم؟!
من الناس من يقول هو الوقوع في الفقر..
ومنهم من يراه في بلاء المرض..
لكن هناك ما يتقدم عنهما في الابتلاء وهو سوء الخلق..
فجحيم الفقر يتفوق عن التناظر معه الصبر، لمن هو على يقين بأن {وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ}، و{وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ}.
فالفقر وإن شابه الجحيم لكنه مقدرٌ ونصيبٌ..
والمرض شبيه في المصدر، وفي النتيجة، فإن اشتد هان بالصبر، وخُتم بالأجر..
فناره لئن لذعت المرء في موضع، أو في كلٍّ فإما إلى شفاء، وإما إلى ابتلاء..
ويعود الابتلاء به إلى المصدر، والنتيجة ذاتها..
أما سوء الخلق فيتفوق بلاؤه على جحيم النار بأتونه، وحرِّه، وآثاره..
هو أعلى منها، بسعيره، وأواره، ولظاه..
ذلك لأن مصدره الإنسان ذاته..
يحرق الجوف منه..
يمتده لهبه إلى خارجه، تطال ألسنة سعيره صاحبَه، وغيره..
هو الهبوب البشري يشيع في الحياة ركامه..
وهو السعير الآدمي يعمها بدماره..
فسوء الخلق ليس معادلاً للسقوط في النار على الأرض، ولا نجاة لصاحبه منه..
ولا خاتمة له إلا درك آخر من نار لا تنطفئ فيه، وعنه إلا متى تبدأ فيه نار ضمير قد اكتوى، وقد فاض، فيكون في لحظةٍ صاحب هذا الخلق محظوظاً بيقظة انطفاء، وإن كانت عسيرة هذه النجاة..
إذ غالباً ما قد يصطلى قبلها بناره..
خاتمة هذا الجحيم لا تعادل خاتمة المرض، والفقر..
فلله ما أعظمك، جعلت خلقك في شؤون، وشؤون..
شيء منك، ولك..
وشيء منهم، وعليهم!!.