د.فوزية أبو خالد
لا أستطيع أن أحتفظ لنفسي وحدها بدهشة ونشوة التعرف على طاقات شابة مشتعلة مفعمة برغائب التجديد والمشاركة الوطنية والإنسانية. فأحلام الشباب كالضوء لا يمكن الاستئثار به في صندوق أسود ولا يمكن إخفاؤه خلف غربال.
عبدالله الخريف
شاب سعودي يمد يديه فتصير جسراً بين القارات، يدق بأصابعه مفاتيح لوح الكمبيوتر فيفتح نوافذ البلدان البعيدة على بعضها كما كانت تفتح مشربيات بيوت جيران الحواري القديمة على بعضها فيتبادلون الابتسامات والأخبار والأشجان وأطباق الطعام وطعم المشتركات البشرية الكامنة في اختلاف اللغات.
في تعريفه لنفسه على أغصان تويتر يكتب عبدالله الخريف «مهتم بإثراء المحتوى العربي عبر الترجمة/ متخرج من جامعة متشجن بأمريكا مهتم بالإدارة والإعلام الرقمي/ أؤمن بأن الغربة واحدة من أعظم مدارس الحياة».
أما ترجماته الجميلة والمعبرة عن اللغة الإنجليزية لعدد كبير من الأفلام القصيرة اليوتيوبات الأفلام واللقطات الوثائقية
فتعرفنا على أكثر من بعد من أبعاد شخصية هذا الشاب. تعرفنا ترجماته على اختيارات معرفية ذكية، تعرفنا على عقل متقد وعلى وجدان مرهف وعلى سر عميق من أسرار النجاح أسمه الشغف.
خالد المطيري
طبيب إخصائي أول عناية مركزة يتقن ست لغات بالإضافة للغة العربية يتقن د. خالد المجرية والعبرية والإنجليزية والفرنسية والألمانية وهو الطبيب الذي ليس لديه وقت لينام كفاية أو ليتربع على سفرة فإنه كما يقول لمنفعة بلاده مستعد ليعمل في وقته الخاص وقتاً إضافياً للعمل على ترجمة خطاب سعودي يمثل الدبلوماسية الناعمة دبلوماسية الكلمة الحضارية المؤثرة الطامحة لخلق وعي عالمي جديد بالمملكة العربية السعودية وبالشعب السعودي وبقضاياه الإنسانية العادلة في علاقته بجواره العربي والإقليمي.
هاني العنزي
هاني العنزي وجه مشرق آخر من وجوه الشباب يقدم عبر عدة نوافذ من وسائط التواصل الاجتماعي قراءة أو رأياً قانونياً في التعاملات العدلية والقضائية إلكترونياً. وهو يحول مصطلحات الفقه القوانين والأنظمة واللوائح المنظمة للتعاملات الإلكترونية وغير الإلكترونية طالما أنها تجري عبر الوسائل الإلكترونية إلى مادة مبسطة يمكن لمن يحتاج فهمها والتعامل بها أن يلمسها لمس اليد. والحقيقة أن هاني يعطي مطلب الثقافة القانونية كحق من حقوق تمكين المجتمع جرعة شبابية إضافيه بحديثه عن الحقوق والواجبات الإلكترونية من ناحية وبتقديم هذه الثقافة الحقوقية إلكترونياً وهي الوسيلة الأوسع والأسرع اليوم للوصول لشريحة المجتمع الأعرض من الشابات والشباب من الناحية الثانية.
وكما لا يكتفي كل من عبدالله الخريف وخالد المطيري بجهود عفوية مبعثرة هنا وهناك بل ينتظم كل منهما للعمل على «مشروع سلام «وهو مشروع شاشة سعودية عملاقة جوابة لتقوم بنقل صورة حضارية جديدة عن المجتمع السعودي دولة ومجتمع بجميع اللغات الحية في العالم، فإن هاني العنزي يقدم نفسه أيضاً عبر مطل بروفيلك مع زملائه حاتم الشهري وليد الشمري وعلى الغامدي باهتماماتهم المشتركة والمتمايزة.
مشاعل الشمميري
شابة مشغولة عن وسائل الإتصال ولكن وسائل الإتصال مشغولة بها فهي حاضرة بها وفيها تطل علينا مشاعل من الواتساب من توتر من عدة نوافذ أخرى تحمل رسالة ذات محتوى محلي وعالمي. المحتوى ببساطة يقول إعمل ودع الإعلام يعمل. فالكاميرا التي تلتقط قمراً لن تظهره حجراً والكاميراً التي تلتقط جماداً لن تعطينا صورة حية. تعمل مشاعل في مجال تقنية الفضاء السلمي فنتعرف فيها على نوع حقيقي من النساء.
نوف عبدالعزيز
ليس لديها من الأسلحة إلا لوحة المفاتيح وليس لها من أدوات المنازلة إلا روح مغامرة وقدرة على قبول تحدي طرح الأسئلة. بنت لا تطل على نوافذ التواصل الاجتماعي لمجرد التسلية ولا تفعل ذلك للفت الانتباه أو كتابة اسمها في السجلات بل تطل لتلقي على الضمير الوطني الفردي والجمعي أمانة حمل القلم.
عالية البازعي
شابة ترسم بالقهوة تسحرني الرائحة للوحات لم أرها إلا عبر الوسائط إلا أنني أمجد التجريب وأمجد التجديد وجرأة أن ندخل على المجتمع قصائد لم يقرأها من قبل كلمات لم يكتبها من قبل ألوان لم يسميها بعد. فما جمال الأجيال إذا لم يستطع أن يشكل كل منها علاقة غير معهودة ولا مستهلكة بين القلق والأمل وبين الصورة والأصل وبين الريشة والمحبرة.
لبنى الخميس
بالأمس كنت ضيفتها بمدارس التربية الإسلامية وهي في المرحلة المتوسطة واليوم هي ضيفة أكاديمية الكفاح بالأحساء وبنات العيون والنخل يستقبلن لبنى على أرض الرمل الخصيب كصاحبة كلمة ملهمة. تشرق «الابجورة» وهذا مسمى مدونتها الصوتية نهاراً على نهار لتعيد ترتيب الوقت بما يليق باشتعالات الشباب فتسري دماء الشباب في كل روح حية تنفض المخلوقات المتعثرة عبء السنين عن أكتافها وتعود الأرواح صقيلة حيوية. كأن لبنى تدس في الحبر خميرة اسمها أكسير الحياة.
عبدالعزيز الفريح
عبدالعزيز الفريح ليس سليل مجد والده السنمائي وحسب، بل متجاوز لعدد من التجارب السينمائية لجيله. جملته الموسيقية جملته البصرية حفر جديد على جراح لاتزال طازجة بدمها. ميزة الفيلم الذي قرأته لعبدالعزيز في مهرجان أفلام سعودية الرابع (لمح البصر) الذي كان بقيادة الماسترو الشاعر أحمد الملا، أنه لم يكن من تلك الأفلام التي لا تستطيع أن تخلق هوية سعودية لفلم سعودي إلا من خلال إذا صح التعبير اللجوء إلى سعودة المحتوى أو إيجاد قصة تحكي «الحدوتة السعودية» مع محدودية الطرح المتاح سينمائياً. وعلى الرغم من أن فلم الفريح لم يتخلى عن طرق قضية ضمير إنساني إلا أن تحديها كان في عدم البحث عن بطولات رئيسية لا في كادر المكان ولا في الكادر البشري.
هذه مجرد قائمة أولى بأسماء مجموعة من الشباب الذين شد اهتمامي ما بيني وبينهم من مشترك ملح الحبر وخبز الثقافة وعلى الفارق الجيلي بيني وبينهم، بل إني أجد نفسي في إنتاج بعضهم السريع والمختلف أكثر مما أجدها في أضابير عتيدة من منتج الكلمة والصورة أياً كانت أوعيته الثقافية. إننا أمام عينة في إتساع وتعمق من الثقافة البديلة الجادة التي يجترحها الشباب اليوم بعيداً أو قريباً من خط الثقافة السائدة وأحياناً نقيضاً للمتكلس منها, وهي ثقافة جديرة بالاحتفاء والانفتاح عليها ودراساتها وتحليلها لمزيد من تأملها وفهمها والتفاعل معها، إلا أنها بقدر ما تطرح سؤالاً ثقافياً فإنها تطرح سؤالاً سياسياً يعبر عن مدى جاهزية واستعداد الشباب لتحمل مسؤوليتهم الاجتماعية والسياسية في النهوض بالبلاد.