محمد بن عبدالله آل شملان
المشهد في مجمع الصالات الرياضية بالدرعية مساء اليوم الثلاثاء تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله ورعاه - سيكون تاريخياً بامتياز، أسطوريّاً لا نظير له، لأنّ القلوب التي تطلّ من هناك هي مثل أعين الطير وضوحاً، مثل زُرقة البحار انتشاءً، مثل نخوة الغيم عطاءً، مثل لمعة النجم وفاءً، مثل خُضرة النخل انتماءً..
هناك في مجمع الصالات الرياضية بالدرعية سيقام حفل العرضة السعودية ضمن فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة الثاني والثلاثين، ستبدو الأشياء في حالة احتفائية بهيجة سعيدة، والناس يكرِّرون تقليب الصفحات من دفتر التاريخ، كأنهم في فصل دراسي، ولا يتكلم إلا الزمان، إنه هو الفيلسوف الوحيد في هذه الدنيا الذي يدرّس ولا ينجح، يدوّن ولا يكذب، يصدق ولا يخفق، ينساب ولا يغرق.
إنه زمن المملكة العربية السعودية التاريخي، زمن القائد المحنّك، والسياسي الماهر الذي تحدّى طبيعته وتعدّى جغرافية الزمان والتضاريس، صقر الجزيرة وفارسها عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود - طيّب الله ثراه وأكرم مثواه - وزمن الأبطال والأفذاذ، والرجال النجباء، أبناء عبدالعزيز البررة مثال التربية الشاملة والسياسة الحكيمة. رجال حملوا الراية من بعده، فأكملوا المسيرة دون إفراط أو تفريط، وأباة صيد قهروا المستحيل وذللوا الصعاب، فأصَّلوا الجذور، ودعموا الفروع، على رواسخ ثابتة وقواعد صلبة، استناداً إلى كتاب الله تعالى، واهتداء بسنة نبيه عليه أتم الصلاة والتسليم. وولاة مؤمنون بمبادئ القواد العظماء، وحكّام مؤمنون بقيم الروّاد الشرفاء، لذا حرثوا فجاج الأرض، وعانقوا عنان السماء، قدرات ماهرة، ومعجزات باهرة، وهبتْ أنفسها لخدمة الدين القويم، ورقي أمتها الإسلامية. كماة أعلوا وطنهم على الأكتاف، وساروا به في خضمّ الأحداث، فألبسوه ثياب المجد، واعتلوا به أسمى الرتب. إنجازات عظيمة وتقنية فريدة، تطور وازدهار، وبناء واتساع، قوة وشموخ، ورفاهية ورخاء، بل ونقلة حضارية مدهشة، نقشت أفعالهم في أكف التاريخ، وحفرت أسماؤهم على جباه الزمن.
في مجمع الصالات الرياضية بالدرعية، نخلة التاريخ تظهر بمشاعر خضراء، ترتّل آيات الاعتزاز والشموخ والفخر، بما حققه جيل كانت صفاته، قيم صحراء الجزيرة العربية، وأساساتها، ومفاصلها، لأنها المدار الذي امتزجت فيه كواكب إنسان هذا الوطن الكبير (المملكة العربية السعودية)، وجاشت على رماله القاحلة النوق البيضاء وجياد الأماني الفارعة..
في مجمع الصالات الرياضية بالدرعية، سترعرع في وجدان الناس، أزهار الحبور، لأنهم يحشدون من خلاله ذكريات لم يشقّها الحاضر، بل زادها فخامة، ومعرفة بضرورة أن يكون لك تاريخ، يمتلئ بالمنجزات الكبيرة العظيمة..
في مجمع الصالات الرياضية بالدرعية ستشم رائحة البارود وعطر النار، التي أحدثها عبدالعزيز ورجاله من فوهات بنادقهم وسيوفهم، فجاء معها القوة والعلو والخير والبركة والنعمة والفائدة «نحمد الله جت على ما نتمنى، من ولي العرش جزل الوهايب».
في مجمع الصالات الرياضية بالدرعية، ترى ساعداً يرفع السيف في الحرب، وهو يمور بجسمه يميناً ويساراً ؛ ليقطف ثمرة الانتصار من أعماق الأعداء.
في مجمع الصالات الرياضية بالدرعية، تأتي لك المشاعر بحب الوطن، الذي هو نافورة تضخ ماء فراتاً يسقي ظمأ الأرض ويروي نهم الكون، يغسل وجه الحياة، ويمسح خيوط الضباب.
في مجمع الصالات الرياضية بالدرعية، ترى في عينيك نساء من ذلك الزمن، سيدات من نبات الأرض، وخصال الصحراء.. اللاتي رافقن جيوش عبدالعزيز أثناء المعارك، وقدمن الدعم اللوجستي لأفراد الجيش وقتلن أثناء المعارك.
في مجمع الصالات الرياضية بالدرعية، تتوثّب وتتحفّز أنت لترى كل شيء، تصول وتجول برمق بصرك ونشدان سمعك، كأنك الأسد الباحث عن ظل تحت لمعان السيوف وهدير الطبول..
في مجمع الصالات الرياضية بالدرعية تكون أنت كما كنت، ولا شيء غيرك، لأنك بالعرضة السعودية يطل عليك التاريخ، بدون أشكال الحيف والزيف والتحريض والتجريف، التاريخ هناك يأتيك ويباغتك بالصورة الفريدة، يداهمك ليؤثّر فيك، يجثو عليك، يأسرك، وتصير أنت التاريخ في بستان المنجز، بتسجيل عنصر العرضة النجدية السعودية، في لائحة التراث العالمي غير المادي «الشفوي»، ليكون وطننا الكبير قد دخل هذه اللائحة لأول مرة، في الاجتماع العاشر للجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي، منجز يجعلك في صلب الزمن الذي في كل صباح يشرق وطننا فيه على عطاء وأفكار وعلى احتفال باستحقاق جديد.
في مجمع الصالات الرياضية بالدرعية الكون يلملم عباءته ويشد رحاله يعود بنا إلى الوراء ؛ كيما يعيد نفسه، ثم يأتي إليك، ويصطف إلى عشيرتك التاريخية يلتحق إلى قصائدك، لتحلم أنت بما أنجبته صحراء الجزيرة العربية، يوم كتب الله لها أن تهدي العالم أنبل شخصية في التاريخ وأعظمها.. الملك عبدالعزيز - طيّب الله ثراه - الذي صنع دولة تزهو على صدر التاريخ وتضمها حضارة العصر أصالة وحداثة دستورها الإيمان وشعارها الحب والسلام.
في مجمع الصالات الرياضية بالدرعية شعب الوطن بصوت واحد : نحن هنا من هذه الأرض سينبت من جديد تجديد السمع والطاعة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - أيدهما الله - «تحت راية سيدي سمع وطاعة، وحقك علينا يا دارنا» لتتواصل موانئ العمل وفق صياغة حياة الوطن بثوبها الجديد وفكرها الجديد ورؤيتها 2030
وقفة:
قال الشاعر أحمد إبراهيم الغزاوي:
ماذا أشاهد من عزم ومن صمم
في رقصة الحرب تحدو السيف والقلم
تجاوبت بالصدى منها جوانحنا
على السراة وفي الدهنا من أقم
كأنما الرعد منها زجرها زجلا
والبرق إيماضها في حالك الظلم
تزهو بها الغيد نشوى في مقاصرها
وتزأر الصيد من فرق إلى قدم