يوسف المحيميد
رغم مضي نصف قرن على إنشاء كلية الطب بجامعة الملك سعود (1967) التي تُعد أول كلية طب في المملكة، وما تبعها من كليات طب في مختلف الجامعات السعودية، إلا أن الأطباء السعوديين العاملين في قطاع الصحة الحكومي لا يتجاوز نسبة 26 بالمائة من إجمالي الأطباء العاملين في البلاد، مما يجعلنا نفكر ونبحث طويلا عن سبب ذلك؟ هل هي قلة في مخرجات هذه الكليات؟ أم عدم توظيفهم؟ أم عدم وجود دراسات جادة وخطط استراتيجية مبكرة تستطيع التنبؤ، وتقيس حجم النمو السكاني، والحاجة المستقبلية لأطباء ومهندسين وقضاة ومحامين وغيرهم من المهن المهمة لأي مجتمع بشري؟
فعلى سبيل المثال، هناك نحو 24 ألف طبيب سعودي، في مقابل 90 ألف طبيب أجنبي، وهذا يعني أن هناك احتياجا متناميا من المهن المتخصصة، تقابل النمو السكاني المتسارع من جهة، ومن جهة أخرى تراجع توظيف الطبيب السعودي في مستشفيات قطاع الصحة الحكومي، في مقابل استقدام أطباء أجانب، خاصة من الدول العربية، ففي بعض المناطق الإدارية لا يُعلن إلا عن بضع وظائف بمسمى طبيب لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، رغم الحاجة للعشرات وربما المئات، الذين يُستغنى عنهم بالاستقدام من الخارج.
نحن بحاجة إلى دراسات جادة وعملية لمخرجات وزارة الصحة، فهي أكثر الجهات أهمية للإنسان، ومع ذلك لم يتم توفير الطبيب المناسب والجيد، والموعد المبكر للدخول على الطبيب، ووفرة الدواء، وأيضًا السرير للمريض عند التنويم أو غرف العناية المركزة، وفي تقليل معدل الأخطاء الطبية، وغيرها من المشاكل التي تحتاج إلى تعامل جاد وعاجل لحلها، ولن يتحقق ذلك إلا بتوفر دراسات دقيقة وميزانية ضخمة، يمكن من خلالها العمل على المستقبل، فتحقيق نجاحات كبيرة على المستوى الصحي، سواء بالخصخصة أو التأمين الطبي لكل مواطن، هو حلم طال انتظاره، فلا شيء يسبق صحة الإنسان.