ناصر الصِرامي
بعد أن أكملت الثورة المعلوماتية جمع كل التفاصيل عن البشر، سلوكهم تصرفاتهم، عادتهم، أطباعهم، رغباتهم، ما يحبون ولا يطيقون، حتى ألوانهم المفضلة وأغذيتهم، ما يبحثون عنها وما يبهجهم ويكدرهم... بعد أن جمعت ذلك وأكثر التفاصيل الدقيقة.. ها هي الآن تنقل البشرية للثورة التالية..!
العام 2014 تحديداً شهد تطوراً كبيراً أو نقلة في مجال الذكاء الاصطناعي، إذ كشفت اليابان عن خطة لإطلاق 100 «روبوت» ذكي بحلول العام 2020، لمرافقة الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة مثل المعوقين والمسنين..!
وصممت فنادق تدار كاملة من طريق الروبوتات، إضافة إلى أنه تقدم مزرعة كاملة تُدار بالروبوتات خلال عام.
وبحسب تقرير متخصص يتوقع أن يسجل النمو في عدد الروبوتات المتنقلة بحلول عام 2020 ستة أضعاف عما هي الآن. ويتوقع تقرير «فروست آند سوليفان» بعنوان «مستقبل الروبوتات المتنقلة»، أن تنمو أعداد الروبوتات المصدرة في كافة أنحاء العالم من أربعة ملايين في العام 2012 إلى 25.4 مليوناً في العام 2020.
تُعتبر الروبوتات والطائرات المسيّرة عن بُعد، والطباعة المجسمة ثلاثية الأبعاد، ثلاثة مجالات تقنية متداخلة ومترابطة تشهد انخفاضاً سريعاً في التكلفة، وزيادة مستمرة في مستوى التطوّر، ودفعاً متسارعاً لعجلة الابتكار.
الطباعة ثلاثية الأبعاد -لوحدها - نمت بأكثر من ستة أضعاف، من مليارين ونصف المليار دولار في العام 2013 وصولاً إلى 16.2 مليار دولار في 2018، وفقاً لتقرير شركة الاستشارات العالمية -»برايس ووترهاوس كوبرز»
وفي دراسة لجامعة أكسفورد البريطانية شملت 2500 شركة، 70% منها في قطاع التقنية في أسواق عالمية رئيسية من ضمنها الشرق الأوسط-. قالت إن 30 % من الوظائف في 2025 ستفقد لصالح الروبوتات 75% من المركبات ستصبح ذاتية القيادة في 2040، فيما سيلغ حجم مساهمة الذكاء الاصطناعي 4.42 تريليونات دولار في الاقتصاد العالمي عام 2025. وسيبلغ عدد الأجهزة التي سترتبط بمنصات للذكاء الاصطناعي 6 مليارات جهاز هذا العام..!
ضع في بالك أيضا أن الربوتات ليست بالضرورة على شكل إنسان إلى- كما نتصور..الهواتف الذكية -مثلا- هي جزء بدائي ومهم من الذكاء الاصطناعي، كما تلقي الأوامر الصوتية.
في مستوى متقدم تصبح هذه البرمجيات الحاسوبية قادرة على تلقي الأوامر وتنفيذها وتحليل المعلومات، والقيام بالفعل المطلوب بسرعة مغايرة وبطرق أكثر سرعة وفاعلية وتقديم ردود الفعل المناسبة عند الحاجة، فقد أصبحت الأجهزة الآلية منتشرة في شتى القطاعات الصناعية والخدمية والإدارية، والإحصاءات تظهر أن الروبوتات في سيارات «غوغل» ذاتية القيادة-مثلا- أفضل وأكثر أمن من السائقين البشر، بينما أصبحت المنازل الذكية واقعاً. فيما تقترب إنترنت الأشياء من ذروة تقدمها وذكائها، حيث أصبحت كل الأجهزة قادرة على الاتصال بالإنترنت وجمع المعلومات وإصدار الطليات وتنفيذ الأوامر عن بعد وبذكاء متزايد.. بات واضحاً أن العالم اليوم أمام ثورة «ذكاء اصطناعي». حيث ينجز اليوم مهمات معقدة بكفاءة عالية من مجالسة الأطفال إلى قيادة سفن الفضاء.
شكل المصانع سيتغير، رجل الشرطة الذي يحرر لك مخالفة سرعة مثلا- تغير بالكامل- غرف العمليات لن تحتاج إلى جيش الممرضين والممرضات, عمال الفنادق وشركات الطيران سيختفون بالتدريج.. في مهنة الصحافة أصبح الصحفي الآلي يكتب التقارير ويقدم التغطيات المباشرة للفعاليات الحية.. حتى النصائح والاستشارات الطبية والقانونية اصبحت تاتينا من تطبيقات لا من البشر.. عالم سيتفوق فيه تعداد التطبيقات والربورتات على البشر في العدد والكفاءة وفي نسبة التوظيف.. وستكون البطالة التقليدية من حظ البشر بشكل أكثر وأكثر... لكنها في الوقت ذاته ستخلق المزيد من الفرص والوقت أيضا!