أحمد المغلوث
في ليلة زفافها كانت تتوقع الزوجة الحسناء أجمل وأحلى الكلمات وحتى الهمسات على لسان زوجها الذي اختارها. إن لم تكن صادرة من داخل قلبه فهو على الأقل سوف يجمِّلها نتيجة للموقف؛ فهي تعيش الآن لحظات لا تتكرر: ليلة الزفاف.. لكن على خلاف كل ذلك كانت كلمات الشاعر الإنجليزي الشهير اللورد «بيرون» لزوجته كما قرأت عن ذلك قبل عقود في زمن «القراءات» عندما صدم زوجته كما صُدمتُ أنا أيضًا وأنا أقرأ ما قاله لهذه الزوجة المسكينة. لقد قال لها: «اسمعي. إني أكرهك. أكرهك كثيرًا. إن زواجي منك لم يكن إلا نكاية فيك. وإذا كنت لا تصدقين فإنني سوف أجعلك تعيشين في حسرة وندم على اليوم الذي رأيتني فيه أول مرة»! وكان من الطبيعي أن لا تصدق الزوجة ما قاله زوجها الشاب الوسيم، وأن تتصور أنه حديث غير حقيقي، وكلماته غير المنطقية نتيجة طبيعية وحتمية لما تناوله من «مشروب»، هذا المشروب الذي لعب برأسه فراح يهذي بحدة حتى جنون.. ولكن الأيام أكدت صحة كلامه وحقيقة مقولاته؛ فها هو يكشف حقيقة كلماته تلك الليلة التي لم تكن سعيدة على الزوجة الحالمة، التي كانت متفائلة وهي تحلم بزوجها الشاعر والرومانسي والرقيق. حلم تحقق. ومع هذا ها هو وفي أول لقاء يذبح أمامها القطة، وينثر من خلال كلماته الدماء ملوثًا سمعها، ومضاعفًا من خفقات قلبها، ولتتراكض أنفاسها وهي تستمع إلى تهديده وخططه المستقبلية لكي يجعلها تعيش الندم والحسرة.. وكل يوم يمر عليها معه تحت سقف «قصر الزوجية» تسمع منه أبشع الكلمات وأقسى العبارات، وأنه عكس ما قيل عنه من شاعر اتسم بعذوبة الكلمات ورقة المشاعر.. مما جعل العديد من الفتيات يتراكضن حوله طالبين وده.. كانت الزوجة تعتبر نفسها عندما تقدم لخطبتها أسعد فتاة في العالم، ولكن ما عاشته وتعيشه من معاناة وخوف ووجل بعدما شاهدت منه الويل والثبور وعظائم الأمور عكس ذلك. صحيح أنه كان وسيمًا وأنيقًا ورقيقًا وعذب الكلمات، لكنه بسرعة يتحول إلى شخص آخر داخل «القصر» وحال عودته إليه. سرعان ما تنتابه ثورة عارمة مفاجئة فإذا به ينطلق هائجًا؛ ليحطم الأثاث وقطع المقتنيات واحدة تلو الأخرى.. وبدأت الزوجة الرقيقة التي ما زالت شابة تخاف على نفسها وعلى حياتها من تصرفاته وجنونه. صحيح أنه لم يمد يده عليها، ولم تُصبها قطعة من مقذوفاته، وما أكثر القطع الثمينة التي تحطمت، ولكن من يضمن ألا يحطم رأسها في يوم من الأيام بعدما حطم نسبة كبيرة من محتوياقصره؟ وكان أن قررت أن تترك القصر، وخرجت بدون عودة.
تذكرت هذه الحكاية وأنا أقرأ مؤخرًا قرار المحكمة العليا رقم (27/ 3/ 3) وتاريخ (1434/ 12/ 24) بأنه يحق للزوجة طلب فسخ النكاح كرهًا لزوجها، وعدم احتمالها العيش معه؛ باعتباره سببًا شرعيًّا حين الخشية من عدم إقامة حدود الله - سبحانه - وأداء الحقوق الزوجية بسبب ذلك. وفي ذلك أن الفسخ يأتي بحكم يصدر من القاضي لدى محكمة الأحوال الشخصية المختص. والحق إن هذا القرار مهم جدًّا؛ فهناك من الزوجات في مجتمعنا وغيره ممن يعانين من أزواجهن، إما نتيجة للعنف اللفظي أو حتى مد اليد..؟!