راشد صالح الحمادي
غادر دنيانا يوم الأحد 13-4-1439هـ الشاعر سعد بن سعود العواد رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، رحل بعد أن خلف إرثاً ثميناً من قصائد الحكمة والغزل العفيف والنصح والإرشاد والقصائد الوطنية والمناسبات الاجتماعية وشاعرنا -رحمه الله- من عائلة اشتهرت بالشعر منذ قديم الزمن، حيث بدأ نظم الشعر كما يخبر عن نفسه في وقت مبكر من عمره ويمتاز شعره بالجزالة والعذوبة والمفردات الرائعة المعبرة، كما أن للمعاناة أثراً واضحاً في قصائدة كما في رائعته التي مطلعها:
لي ونة ما ونها دايم السيف
ولا استكنت في ضمير العطاوي
وشاعرنا -رحمه الله- مرهف الإحساس عذب الألفاظ تتقاطر كلماته كالشهد المذاب وله صولات وجولات في فن المحاورة، فقد حاور عمالقة هذا الفن؛ كأمير شعراء المحاورة الشاعر المرحوم بإذن الله أحمد الناصر الشايع، حتى أصبح أستاذاً في هذا المجال، يقول عنه الشاعر عبدالرحمن الخميس: (الشاعر المرحوم بإذن الله سعد سعود العواد من الشعراء المبدعين، عرفته منذ عام 96 هـ -رحمه الله- واعتبره أستاذاً في الشعر وركناً من أركانه في الزلفي، ولشاعرنا مواقفه التي تذكر فتشكر في مناسبات الزلفي، فهو مشارك أساسي فيها يتصدر المشهد في زيارات الأمراء والوزراء والمسؤولين لا يتوانى عن المشاركة ويعد ذلك واجباً تجاه محافظته وأهاليها، يقول في قصيدة بمناسبة زيارة الأمير سلطان بن عبد العزيز رحمه الله:
يقوله شاعر ما يورد الحجة بلا برهان
يحللها قبل ما ينقد الناقد معانيها
أنا أبياتي كتاب وأنت يا سيدي عنوان
حروف اسمي كتبها لك ولائي لك ويمليها
هلا فيك البقا شرفتنا يا سيدي سلطان
قدومك بهجة الزلفي وشوفك عيد أهاليها
وكان هم شاعرنا -رحمه الله- أن يكون هناك جمعية ترعى شعراء المحافظة، يلتقون تحت مظلتها ينثرون إبداعاتهم وسحرهم الشعري، لأنه يرى أن الزلفي من أكبر المحافظات التي تحتضن شعراء متميزين، حيث لم تتحقق هذه الأمنية، أقام ديوانية عبر حسابه في تويتر يستضيف بها شعراء الزلفي بدون تمييز أو تصنيف، وفي آخر سنوات الشاعر سعد العواد كان ملازماً للمسجد لا تكاد تفوته صلاة الجماعة، يتكلم عنه الشيخ ماجد السلمان إمام مسجد الحي، حيث يقول: (رحم الله أبا مشعل، فهذا مصحفه ونظارات القراءة في المسجد قد افتقداه منذ مدة وهذا آخر مقطع وضع عليه الموقف لعله وقف على آخر آية من المقطع ولعل الله بمنّه وكرمه أن يجعله داخلاً في هذه الآية: {فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ}.
رحمه الله كان صاحب خلق حسن التعامل مع جيرانه وجماعة مسجده محافظاً على الصلاة جماعة، متدبراً لما يسمع من آيات، يظهر هذا في سؤاله أحياناً عن بعض الآيات يحب اجتماع الكلمة، يدخل المسجد للصلاة بهدوء ويخرج بهدوء، دون مزاحمه لأحد أو إيذاء، مع أنه من أكبر جماعة المسجد سناً، ومع هذا يصف حيث انتهى به الصف.
غفر الله ورحمه وتجاوز عن سيئاته.
والجنائز تبدي ما كان مكنوناً عند الناس من حب المتوفى، لذلك كانت جنازته -رحمه الله- مهيبة وشيعه خلق كثير من محبيه يلهجون له بالدعاء بأن يجعل الله ليلة وضعه في قبره هي أسعد لياليه وأن يلهم الصبر والسلوان أهله ومحبيه.
خاتمة:
لشاعرنا رحمه الله:
كل شمس تبين الصبح لازم تغيب
وفي قفاها الليالي تظهر نجومها
من توكّل على الله مستحيل يخيب
ومن رجى رحمته يومن بمفهومها