الحمد لله المتفرد بالجلال والبقاء الذي خلق الخلق وقدر الأقدار وحدد الآجال وجعل لكل أجل كتاب وصلاة ربي وسلامه على خير خلق الله سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فإن لله سبحانه وتعالى الحكمة البالغة والقدرة النافذة في كونه وخلقه وإن مما كتبه جل وعلا على خلقه الموت والفناء. قال تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}.
وقال تبارك وتعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي}.
إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى.
هو الموت ما منه ملاذ ومهرب
متى حط ذا عن نعشه ذاك يركب
فمنذ أيام فقدنا والدنا الشيخ الجليل/ زيد بن مبارك آل رشود - أحد الذين عملوا في سلك القضاء رئيساً لمحكمة وادي الدواسر ثم رئيساً لمحاكم الجوف ثم رئيساً لمحاكم العُلا ثم المشرف العام على هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة الغربية.
وكان لوفاته وفقده يرحمه الله وقع في نفسي ولدى محبيه.
فقد شُرفت بمعرفة فضيلته منذ عدة سنوات وكان بودي أنني قد عرفت هذا الشيخ الفاضل منذ عقود لما يحمله قلبي لهذا الرمز الكريم من محبة وتقدير وإجلال وإكبار ولما يتصف فضيلته به من سلامة العقيدة وحسن السيرة وصفاء السريرة وبما جُبل عليه من سمو الأخلاق وسعة الصدر وكريم الخصال وحسن التعامل وقد كان يرحمه الله لطيف في المقابلة قليل الكلام كثير التدبر وكان عطوفاً كريماً يستقبل ضيوفه بكل أريحية واهتمام محباً في لقائه كريماً في وداعه بسيطاً في حديثه متواضعاً حتى في جلسته لطيفاً مع الجميع. وكان أنيسه القرآن الكريم.
فمن قدر له معرفة فضيلته فإن نظره يرنو إلى محياه وقلبه يصافحه قبل يداه، وهو بحق زيد السعد.
وقد عُرف بحرصه على عقيدته ودينه ووفائه وإخلاصه لولاة الأمر حفظهم الله ولوطنه.
وهذه حلل منسوجة وصفات محمودة ارتداها وتوشح بها فضيلته خبرتها في شخصه الكريم عن قرب خلال مقابلتي وزياراتي المتكررة لفضيلته. ولئن فقده الأخوة أبناؤه وأهل داره وكافة أسرته الكريمة وفقدناه جميعاً فإن ذكراه وسيرته العطرة المتوجة بهذه الشمائل الحميدة والسجايا النبيلة ستبقى نبراساً وذكرى غالية في قابل الأيام والأعوام.
ياوداعاً .. ومن يطيقُ وداعاً
ووداعُ الجليلِ .. حقاً بلاُ
أسأل الله بأسمائه الحسنى وبصفاته العلا أن يتغمد فضيلته بواسع رحمته ورضوانه ويسكنه الفردوس الأعلى من الجنة وأن يتقبله في عباده الصالحين وينزله منازل الأبرار المتقين وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة وأن يجعل الخير والبركة في أبنائه وذريته. وأن يلهم الجميع بفقده الصبر والاحتساب والحمد لله على قضاء الله وقدره {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
** **
- عبدالله بن سعيّد السويهري