إبراهيم عبدالله العمار
في القرن التاسع عشر ذهب أليكسيس دي توكفيل إلى أمريكا. توكفيل مؤرخ وعالم سياسي فرنسي، ورغم أن فترته في أمريكا كانت بضع سنين حول عام 1840م إلا أنك ستندهش من بصيرته الحادة؛ فملاحظاته عن الأمريكان لا تزال ترن أصداؤها الصادقة إلى اليوم، وحتى وصفه المستقبل فيه الكثير من الصحة. ومن الظرائف وصفه لهم آنذاك.. ولنا أن نقارن بين أمريكا قبل 200 سنة واليوم، تحديدًا هنا عن المرأة.. يقول توكفيل: «في أمريكا.. يمكن للمرأة أن تسير في رحلة طويلة وحدها وبلا خوف».
نظرت الكاتبة الأمريكية وندي شاليت إلى تلك العبارة بأسى، ويشاركها الأسى عدد ضخم من الأمريكيات. تقول وندي: «ما أعظم الاختلاف بين هذا وبين حالنا اليوم! اليوم المرأة الشابة يحذرونها أن لا تخرج وحدها لكي لا تتعرض لعالم من المذلات». ولا عجب في ذلك؛ ففي استبيان على مراهقين في ولاية رود آيلند سُئلوا فيه إذا كان يحق للرجل أن ينال المرأة بدون موافقتها (أي اغتصابها)؟ قال 61 % «نعم، لا بأس بهذا إذا كان بينهما علاقة سابقة». وفي استبيان آخر قال 65 % من المراهقين إنه مقبول أن يأخذ الرجل غرضه من امرأة بالقوة إذا كان واعدها أكثر من 6 أشهر. وربع هؤلاء الغلمان قالوا إن هذا مقبول إذا كان الرجل صرف مالاً على المرأة في أحد تلك المواعيد الغرامية. بهذه العقلية ليس غريبًا أن المغتصبين اليوم يعطون أحكامًا بالسجن معدلها 5 سنوات فقط بدلاً من معاقبة الاغتصاب بالقتل كما في عهد توكفيل.
إحدى الفتيات المغتصبات قالت للجاني لما واجهته في المحكمة: «لقد أخذت مني شيئًا لن أقدر أن أستعيده مرة أخرى. لقد أخذت كرامتي. أخذت كبريائي. أخذت قلبي». وجعلت الفتاة تناشد المحكمة أن تعطي الجاني أقصى عقوبة ممكنة يسمح بها القانون لهذه الجريمة، وهي من 12 إلى 25 سنة سجنًا، فماذا فعلت القاضية؟ أعطت الجاني 6 سنين فقط، وتبريرها في تخفيف الحكم تاريخ المغتصب؛ فله نصيب من الاكتئاب!
تقول وندي في فورة سخطها واستنكارها: «يبدو أن هذا ما يجب أن يفعله المصاب بالاكتئاب هذه الأيام: اذهب واغتصب قليلاً، وستشعر بالتحسن!».