د.ثريا العريض
من دواعي فخرنا أن نتذكر أن وطننا معطاء، ويستجيب بمبادرات قيادة شهمة لنداءات الإنسانية. المملكة العربية السعودية، بذلت وتبذل الكثير في مجال الإغاثة والأعمال الإنسانية في الجوار القريب والبعيد بدون تفرقة بناء على الدين أو المذهب أو العرق أو اللغة. وفتحت أبوابها دون منّة لتعين ملايين الأشقاء في مواجهة المحن، وآخرهم السوريون واليمنيون، دون أن تسميهم لاجئين كما فعل الآخرون. وستظل مبادرة في تطبيق قيمنا الأصيلة في كل موقع يحتاج عوناً إنسانياً بحيث تحول كل موقع عصفت به كارثة محلية أو غريبة إلى موقع تعمير واستعادة أمل وتطوير واستقرار مستدام.
يوم الخميس الماضي استجبت لدعوة كريمة من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، فحضرت اللقاء والمؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه عن «منتدى الرياض الدولي الإنساني» الذي سيقام في الرياض يومي 26-27 فبراير الحالي. وتأتي أهمية المنتدى من تصاعد ما تمر به مناطق كثيرة في العالم من كوارث، بعضها بفعل الطبيعة كالفيضانات والبراكين والزلازل والأوبئة، وبعضها بشري المسببات كالنزاعات والصراعات والحروب.
سيكون هذا المنتدى تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين، وبمشاركة مركز الملك سلمان للإغاثة الذي ابتدأ في عام 2015 بإشراف وإدارة الدكتور عبدالله الربيعة المشهور عالمياً لإنجازاته في جراحة فصل التوائم.
وسيكون المنتدى الأول من نوعه في المنطقة، التي تفاقمت فيها كل أنواع الكوارث حتى أمست عدة دول ذات عمق حضاري عريق تحوي مخيمات اللاجئين والمهجرين، وركام التفجيرات والقصف والدمار، أكثر مما بقي فيها من بنيان قائم. هدمت منازل ومدارس ومستشفيات ودور عبادة، واختفت معالم تاريخية كثيرة لا تقدر بثمن، وتحول كثير من مواطنيها إلى لاجئين فارين من مواطنهم، ومعوقين جسدياً بفعل الألغام والقنابل والصواريخ. وانتشرت الأوبئة لتعذر تواصل أعمال النظافة البيئية، كما أن ما تتركه هذه الأحداث من ندوب في نفسيات الأطفال وتشوهات في المشاعر لن يمر بدون آثار مدمرة. وسيكون المنتدى منطلقاً للتغيير وتحديد احتياجات العمل لإيجاد الحلول العملية في هذا المجال الإنساني وإيصال المساعدات للمحتاجين لتخفيف معاناتهم.
وإلى جانب صناع القرار في المجتمع الإنساني، ستشارك في المنتدى عشرات المنظمات غير الحكومية والدولية، والمتخصصين من أكاديميين وباحثين في مجال الإغاثة والعون. وسيتناول النقاش في جلسات المنتدى المحاور التالية المتعلقة بالإغاثة: المساعدات الإنسانية من حيث ربطها بالتنموية، تطوير السياسات ودراسة الظروف الصحية وأهداف التنمية المستدامة. فرص وتحديات التمويل وتقاسم الأعباء. وتطوير المساهمات في المجال الإنساني بمواكبة التقنيات الحديثة والمبتكرة. ثم توطين المساعدات بتمكين وبناء قدرات المنظمات المحلية، وقدرات الدول والمجتمعات المستضيفة، وتبني البرامج والمبادرات العالمية محلياً.
هكذا يكون الإنقاذ جماعياً ويداً بيد.