ناصر الصِرامي
حياتنا اليومية لا تخلو من «الذكاء الاصطناعي»، من السيارات إلى الهواتف، إلى كل جهاز نتعامل أو نتصل به أو معه أو خلاله.. برامج حاسوبية متطورة، تعمل على محاكاة القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها، مثل القدرة على التعلم والاستنتاج، وصولاً إلى المرحلة الأدق «ردود الأفعال»..!
مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس»، كلاوس شواب، توقَّع اختفاء نحو 74 % من الوظائف مستقبلاً بسبب هذا الذكاء الحاسوبي، وقال إن «الذكاء الاصطناعي سيدمج كثيرًا من الوظائف، وسيؤدي إلى التخلص من الوسطاء». وأضاف: «الذكاء الاصطناعي على المدى المتوسط سيخلق نحو 10 ملايين وظيفة جديدة بحلول 2020، لكن النمو الكبير سيدفع إلى اختفاء ملايين الوظائف»..!
محمد القرقاوي رئيس القمة العالمية للحكومات -دبي - يقول: «خلال سنوات قليلة ستختفي في الولايات المتحدة نحو 47 في المائة من الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي، كما ستختفي أكثر من مليون وظيفة قبل عام 2026». ويتوقع أن «يضيف الذكاء الاصطناعي في عام 2030 - أي بعد 12 عامًا فقط - إلى الناتج الإجمالي العالمي أكثر من 15 تريليون دولار، أي أكثر من 10 أضعاف مبيعات النفط عالميًّا»!!
اثنان من الباحثين المستقبليين في شركة «غوغل» أعلنا إنه في عام 2045 - أي بعد 27 سنة فقط - سيكون بالإمكان تحميل ونقل عقل الإنسان إلى شبكة المعلومات!
قبل ذلك، وفي العام 2015، طوَّر مهندسون من معهد «ماساتشوستس للتكنولوجيا» الأمريكي منظومة الذكاء الاصطناعي «Data Science Machine» التي تجاوزت إمكاناتها العقل البشري، من خلال قدرتها على معالجة وتحليل قدر فائق من المعلومات والمعطيات العلمية، جعلتها قادرة على التوقع والتخطيط، واتخاذ القرار المناسب.
سيكون بالإمكان التحكم في كل شيء، من المنزل إلى العمل، من خلال الذكاء الاصطناعي؛ وهو ما يعد امتدادًا لتطبيق «إنترنت الأشياء»، أحد تطبيقات «الذكاء الاصطناعي».
و»إنترنت الأشياء» سيؤثر بشكل كبير في الاقتصاد، من خلال زيادة الإنتاجية، وتقليص الكلفة واستهلاك الطاقة.
ولترى أهمية هذا الذكاء الآلي دعنا نقول الآن إنها الثورة التالية للمعلوماتية، الثورة التي ستحول المعلومات إلى ثروة، وإلى منتجات، ونتائج.. وستحوِّل الأجهزة من ثابتة إلى متحركة، وتحوِّل الأجهزة المتحركة إلى كيانات شديدة الحساسية والدقة.. ومنافسة للبشر في الجودة والوظائف والاهتمام..
ماذا يعني ذلك؟.. يعنى أن كل شيء يتجه للتغير الآن.. وأن كانت المناهج والمدارس كما نعرفها عاجزة عن تقديم تأهيل مقبول - ولو بالحد الأدنى - من احتياجات السوق والاقتصاد اليوم.. فإنها إن استمرت دون ثورات حقيقية، وزلزال يقلبها تمامًا، فإن المدارس كما نعرفها اليوم ستصبح مجرد دور لقراءة التاريخ والموت فيه!