د. محمد عبدالله العوين
بعد نشر مقالي في جزئه الأول عن الزميل الأستاذ محمد الرشيد أرسلت ابنته الفاضلة الأستاذة أمل إلي عبر حسابي بـ»تويتر» رسالة تطلب مني عدم مواصلة الكتابة في الموضوع؛ ولكن الوقت كان متأخراً جداً ولم يكن في الإمكان إيقاف الجزء الثاني من المقال تحقيقاً لرغبتها وقد أخرجت الصفحات والمطبعة على وشك إصدار عدد الأربعاء في طبعته الأولى.
لم أكن أعلم عن الحساسية الشديدة التي أبدتها الأخت الكريمة عن طبيعة نشاط والدها أو اهتماماته قبل التقاعد أو بعده بممارسة عمل تجاري شريف أو هواية شغف بها في جمع واقتناء الأثريات القديمة كما أشارت؛ لأنني سبق أن قرأت تحقيقاً صحفياً عن الزميل العزيز يطالب بتكريمه وعدم نسيانه باعتباره رمزاً إعلامياً كبيراً من رموز مرحلة تأسيس الإذاعة والتلفزيون، ونشر في جريدة الرياض يوم الجمعة 21 ذو القعدة 1431هـ الموافق 29 أكتوبر 2010م في العدد 15467 ، ولا أريد إعادة عنوان الموضوع تقديراً لرغبة الأخت أمل في إنكار مزاولة والدها ما أشار إليه التحقيق الصحافي.
معرفتي بالزميل العزيز بدأت عام 1398هـ ولم تنقطع إلا بتقاعده متعه الله بالصحة والعافية، أي أنها بدأت قبل اثنين وأربعين عاماً، وهو زمن ربما يفوق عمر الأخت الفاضلة الأستاذة أمل - وفّقها الله - وأعلم عنه من الصفات الجميلة والأخلاق العالية ووجوه الإبداع في كتابة الشعر وفنون الأداء الإذاعي ما يستحق أن أكتب عنه صفحات، إلى ما يشتهر به من سخاء وكرم ولطف معشر ونقاء سريرة وروح مرحة وتعاون مع الجميع، كما أننا كنا نعلم عزوفه الشديد عن التنافس في الصراع على المواقع الإدارية التي وصل إليها - في بعض المراحل - من لا يمتون للإعلام بصلة.
لقد خرج عدد كبير من قدامى الإذاعيين من جيل الرواد ومن الجيل الثاني اللاحق لهم من المؤسسة الإعلامية الرسمية بمرتبات تقاعد هزيلة ومراتب متدنية لا تكافئ مواهبهم ولا جهودهم ولا ما قدّموه في أعمالهم من تفان ودأب وإصرار على خدمة وطنهم كجميل سمان وماجد الشبل ومحمد الشعلان رحمهم الله، وغالب كامل أطال الله في عمره. وغيرهم كثيرون.
وإذا كانت الإشارة إلى أي نشاط يزاوله زميلنا العزيز بعد تقاعده لها جانب من الحساسية عند عائلته الكريمة وتعدها من باب الخصوصية؛ فإنني أقدم خالص اعتذاري الشديد، وأود الإيضاح بأن المقصد نبيل والغاية سامية؛ وهي تكريم رمز كبير من رموز إعلام الوطن، والاجتهاد في سن نظام يتيح الفرصة للإفادة من الكفاءات المميزة بعد التقاعد في الاستشارة والتدريب وخطط التطوير؛ بحيث تتواصل الخبرة الإعلامية بين الأجيال ولا تنقطع .
وتقديراً لما أبدته الأخت الكريمة من حساسية شديدة نحو اهتمامات أستاذنا العزيز والدها - أطال الله في عمره - أضرب صفحاً عن ذلك، كما أصر على ضرورة تكريم الرواد، وأقدّم خالص الشكر وعظيم الامتنان لمعالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عواد بن صالح العواد على مبادرته الكريمة بالتواصل السريع مع الأستاذ محمد الرشيد ودعوته للتعاون مع الوزارة في المجال المناسب، وفي هذا دلالة مؤكّدة على أن وزارة الثقافة والإعلام تتخذ الآن مساراً إيجابياً جديداً في إقامة جسر من التواصل مع المبدعين سيسهم في تطور ونهضة إعلام الوطن.