فهد بن جليد
ما هو مصير الأدوية الزائدة عن الحاجة، إمَّا لعدم استخدامها بعد الحصول عليها بكميات أكثر من الاحتياج، أو تلك الفائضة التي لا يستهلكها المريض بالكامل بعد فتحها؟ يبدو هذا السؤال حساساً وغريباً في مجتمع مُعظم أفرده يحصلون على الأدوية بسهولة ومجاناً، أول ما سيتبادر إلى الذهن هو الضرر المُحتمل لاستخدام هذه الأدوية من شخص آخر؟!.
في مصر دُشنَ هذا الأسبوع تطبيق هاتفي ذكي هو الأول من نوعه، يهدف لجمع الأدوية الفائضة لدى المصريين، وفرزها وإعادة توزيعها مجاناً على مرضى آخرين لا يستطيعون شرائها وغير قادرين على تأمينها، المئات من المرضى الفقراء - المُصابين بأمراض مُزمنة - باتوا يحصلون على علاجاتهم بهذه الطريقة شهرياً، وهذا التطبيق هو نسخة مطوَّرة من المُبادرة المصرية الرائعة (الدواء للجميع) والتي أطلقها سابقاً مجموعة من الأطباء المتطوعين بالشراكة مع عدة جهات خيرية وطبية، من أجل حث أفراد المجتمع على مُساعدة بعضهم البعض من خلال التبرع بالأدوية الزائدة بدلاً من رميها أو التخلص منها، عبر إنشاء قاعدة بيانات للمُتبرعين والمُستفيدين ونوعية الأدوية التي يتم جمعها، إضافة لتوفير أماكن مناسبة وملائمة لفحص تلك الأدوية وفرزها بشكل تطوعي من قبل صيادلة مُتخصصين للتأكد من سلامتها، وتخزينها في مكان مناسب حتى تصل للمُحتاج، وهو ما وفر أكثر من مليار جنيه يتم هدرها سنوياً بسبب الأدوية الزائدة.
كم أتمنى أن تجد مثل هذه الفكرة طريقها للتنفيذ في مجتمعنا السعودي على يد أحد المُتخصصين من الصيادلة أو الأطباء، أو الجهات الطبية والخيرية الفاعلة للاستفادة من هذه الأدوية (داخلياً أو خارجياً) بالتعاون مع مصانع الأدوية والصيدليات الكبرى، وأزعم أنَّ أرقام هدر الأدوية ستكون صادمة، لعدة أسباب أولها الحصول على الدواء مجاناً من المُستشفيات الحكومية مما يدفع المريض لطلب كميات (أكبر من حاجته)، وغالباً ما يتم التخلص من بعض الأدوية الفائضة حتى وهي جديدة لم تستخدم، خوفاً من أثر بقائها وخشية من استخدامها من قبل أشخاص آخرين - هذه الثقافة تبدو مُحرمة مُجتمعياً - السبب الثاني أره يتمثل في ازدياد أعداد من يشترون الأدوية من الصيدلي مباشرة - دون استشارة طبيب - ثم يتركونها بعد يوم أو يومين وهي لم تستخدم بالكامل.
التفكير في الاستفادة من الأدوية الفائضة، وإعادة تدويرها بطريقة حذرة وآمنة لا تفتح الباب لتجارة جديدة تحت مسمى (الأدوية المُستعملة)، سيخدم حتماً فئات قد لا نعلم بوجودها أصلاً بيننا (من غير القادرين بصمت)، لنجرِّب تبني فكرة (الصيدلية المجانية) لخدمة من لا يملك ثمن العلاج، حتى تتضح الصورة أكثر.
وعلى دروب الخير نلتقي.