منذ أيام احتفلت أغلب الأندية الأدبية باليوم العالمي للقصة القصيرة، وكالعادة كان هنالك مجموعة من الندوات والأمسيات القصصية، الاحتفال هذا ربما يستمر ليوم وقد يمتد إلى ثلاثة أيام.
ولعلاقتي الأزلية بالقصة أرى أن ذلك أمر جيد ولكن للأسف تبقى تلك الاحتفالات محدودة بمعنى لا تتجاوز موقع المؤسسة الثقافية، وأشعر بأنه ليس هنالك حضور حقيقي للقصة في أوساط القراء والمثقفين، بل أن بعضهم يقول بأن زمن القصة قد انتهى، عشرات أو مئات المجموعات القصصية التي تصدر سنوياً، غالبيتها تبقى حبيسة مستودعات الأندية الأدبية أو دور النشر العربية التي أثرى بعض أصحابها من تلهف بعض كتاب وكاتبات القصة «مجازا» للنشر، فيجدون مثلا في معارض الكتب نسخاً محدودة يحتفلون مع المقربين لهم بتلك الإصدارات و لا يبقى لها أثر بعد المعرض، بمعنى لا توجد في المكتبات، و بالطبع لا ننسى دور النشر الوهمية مثل «دار نجيب محفوظ» التي طبعت عشرات الكتب من قصص و دواوين شعرية وروايات، ثم كما علمت أنها غير موجودة.
أنا أشعر بأن الاحتفال باليوم العالمي للقصة القصير بالمملكة ناقص لسببين مهمين أولهما عدم توفر إصدارات الكتاب بين يدي القراء والمهتمين بالقصة، مثال ذلك هنالك كتب جيدة أصدرها نادي جازان الأدبي لم أجدها في مكتبات الرياض ولا عند الناشر الشريك في معرض القاهرة للكتاب، وعلينا أن ننتظر حتى يأتي معرض الرياض الدولي للكتاب لنحصل على تلك الكتب عن طريق جناح النادي أو الناشر الشريك، وهذا ينطبق على بقية الأندية الأدبية والمؤسسات الثقافية.
السبب الثاني وهو عدم وجود الغربلة النقدية، مئات الإصدارات في السنوات الأخيرة عبارة عن مجموعات قصصية قصيرة جداً، وأغلبها لا علاقة له بفن القصة مطلقاً، وكثير من الكتاب والكاتبات ليسوا على وعي بفن القصة القصيرة، ولكن سهولة النشر جعلتهم يتدثرون برداء القصة ليحسبوا من ضمن الكتاب والكاتبات، الأمر ليس مجرد خاطرة أو كلمات مصفوفة لوصف صورة أو حالة، فن القصة القصيرة يحتاج إلى دراية بالمكان والزمان والحدث والشخصيات وقبل ذلك جزالة اللغة وامتلاك الأسلوب الخاص، وربما عزوف أغلب النقاد وبعض الأكاديميين عن نقد القصص ليس لأنهم أصدقاء كما يحتج بعضهم ولكن خوفاً من الصراحة بإطلاق رأي بأن النص المكتوب بعيد عن عالم القصة القصيرة.
أنا أختلف مع من يقول إن زمن القصة انتهى، ولكن تغير المشهد الثقافي الذي كان حضور القصة القصيرة فيه قوياً وذلك في الثمانينيات وأوائل التسعينيات، حيث كانت الصحف الأدبية اليومية تفرد صفحاتها للنصوص القصصية وكان الملحقات الثقافية تضيف إلى ذلك قراءات نقدية لتلك النصوص، وكانت هنالك أكثر من مجلة أسبوعية وشهرية تنشر القصص، إضافة إلى حضور نادي القصة السعودي ككيان، ومجلته المهمة « الواحات المشمسة»، وكانت دورية «الراوي» أفضل حالاً من الآن.
لنحتفل باليوم العالمي للقصة من خلال وصول الإصدارات للقراء، أتمنى أن تكون جميع أيامنا حافلة بالثقافة والإبداع.
** **
- عبد العزيز الصقعبي