قاسم حول
انتهت الدورة الثامنة والأربعين لمهرجان روتردام الدولي، الذي يعد من المهرجانات الكبيرة التي توازي مهرجان كان وبرلين وفينيسيا. مهرجان يطمح الكثير من المخرجين والمنتجين وكتاب السيناريو أن يشاركوا فيه ويحصلوا على جوائزه الممثلة بالنمر الذهبي والفضي، ويحصلوا على جوائزه المادية التي تنعش بقدر ما اقتصاد الفيلم السينمائي المنتج والمشارك في المهرجان.
يعنى مهرجان روتردام الدولي عناية متميزة بسينما بلدان العالم الثالث ويقدم الدعم للمخرجين منذ كتابة السيناريو حتى دعم مراحل الإنتاج اللاحقة. وكثيراً ما ازدهرت ثقافة السينما في أفغانستان ومصر ولبنان بسبب الدعم المقدم من هذا المهرجان. الصحافة والتلفزة تعنى بنقل أخبار هذا المهرجان فهو تظاهرة ثقافية سينمائية مهمة.
في هذه الدورة الثامنة والأربعين برز فيلمان عربيان، الأول الفيلم الفلسطيني «التقارير المتبادلة بين سارة وسليم» للمخرج الفلسطيني «مؤيد عليان» والذي شارك في المسابقة الرسمية للمهرجان وحاز على جائزة أفضل سيناريو والذي حظي بمشاهدة واسعة من قبل جمهور المهرجان وحصل على أرقام المعجبين. وقصة الفيلم عن علاقة حب بين شاب من بيت لحم في فلسطين بالقدس الشرقية والمرأة إسرائيلية تعيش في القدس الغربية ومتزوجة من كولونيل في الجيش الإسرائيلي. الفيلم جلب انتباه النقاد والصحافة والجمهور. الفيلم الثاني الذي حظي باهتمام المهرجان هو الفيلم المصري «ورد مسموم» وهو العمل الروائي الأول للمخرج الشاب أحمد فوزي صالح وهو في مسابقة الأفلام الروائية وحصل على دعم السيناريو من وزارة الثقافة المصرية التي قيل عن تنصلها في الإيفاء بالدعم ولكن الفيلم حصل على دعم من عدة مؤسسات وساهم في الإنتاج الممثل النجم محمود حميدة الذي لعب أحد أدوار الفيلم وقد حضر حفل الافتتاح للفيلم. ومحمود حميدة هو صاحب شركة البطريق إلى جانب الدعم المقدم من قبل شركة ريد ستار، كما ساهم بعض المنتجين من فرنسا في دعم هذه التجربة السينمائية الجادة في مسار السينما المصرية.
يلاحظ بأن السينما العربية صار لها حضور متميز في مهرجانات السينما العالمية وبشكل أساس في مهرجان كان وبرلين وفينيسيا. ولكن هذه الأفلام لم تجد بعد طريقها نحو صالات العرض بشكل ما يطلق عليه التجاري الذي يمكن أن يعود بالربح إلى منتج الفيلم لكي يتخلص من أسر شركات التوزيع العربية. والسؤال المطروح، إذا كان جمهور المهرجانات يبدي حضوراً واسعا للفيلم العربي بمعنى أن هذا الفيلم أو ذاك قد استكمل شروط مفردات لغة التعبير السينمائية وهو يتمتع بالقياسية الفنية والتقنية فلماذا يعزف الموزعون على إيفاء الفيلم العربي حقه ليعرض عرضا تجاريا. إن شبكة التوزيع العربية قاصرة عن فرش مساحتها للعالم من خلال الأفلام المتميزة. الأفلام الفلسطينية بدأت تأخذ مداها الفني في مهرجانات السينما. والأفلام المصرية الجديدة خرجت عن الطوق الكلاسيكي وبدأت تكشف الواقع بعين سينمائية ثقافية واعية وهناك الأفلام التونسية والمغربية التي تحظى باهتمام المهرجانات وتحظى باهتمام جمهور المهرجان ولكن كل هذه الأفلام لم تستثمر بصيغة تجارية تساعد المنتج والمخرج على المواصلة. الأفلام الجزائرية وحدها حظيت بالعروض التجارية في فترة ما بعد استقلال الجزائر وقد لعبت شركات التوزيع الفرنسية دوراً في هذا الجانب. أما بقية الأفلام العربية فإنها أفلام مهرجانات ولم تستكمل شروط التوزيع على جمهور السينما.
يبقى مهرجان روتردام فرصة ممتازة تساعد كتاب السيناريو وتساعد المخرجين المقيمين في بلدان ما يسمى العالم الثالث فتحصل على موضوعات نادرة غير تلك التي يألفها جمهور المشاهدين ويألفها المنتجون في قصص وحكايات تكاد أن تكون مكررة، حيث الواقع المكاني يكاد يكون متشابها، فيما عالمنا العربي والشرقي يبقى مثيراً لأنه غير مكتشف سينمائياً وبصرياً بعد.
** **
- سينمائي وكاتب عراقي مقيم في هولندا