خالد بن حمد المالك
كنا عدداً من رؤساء التحرير في معية سمو الأمير نايف بن عبد العزيز - رحمه الله - في زيارة له لإيران، وكانت العلاقات يشوبها التوجس وعدم الثقة من جانب المملكة، فهناك مؤامرات لا تنتهي يقودها نظام الملالي، مع شيء من الحذر بعد أن قوبلت المحاولات الإيرانية في استعراض القوة بالقوة السعودية المضادة في أكثر من موسم حج.
**
ظلت العلاقة بين الرياض وطهران تغلِّفها الريبة والشك والشعور بعدم الاطمئنان في مصداقية نظام الملالي في تعامله مع المملكة ودول الخليج، وكان الموقف السعودي حازماً وقوياً في تصديه لحركات النظام الفارسي أمنياً وسياسياً وإعلامياً.
**
لكن الحكمة ومحاولات رأب الصدع لم تغب أبداً، فقد تعاملت المملكة مع أطماع إيران بأسلوب التهدئة والاعتماد على الدبلوماسية، مع عدم إغفال الاستعداد لكل الاحتمالات، بما فيها القوة العسكرية إذا ما تطلب الأمر الأخذ بهذا الموقف، وكان هذا حيلة المضطر، وخيار المملكة الوحيد الذي لا بد منه أمام التآمر الإيراني الوقح.
**
لاحظنا ذلك في أكثر من موسم حج، حيث يرفض نظام الفقيه الالتزام بالتعليمات التي تنظِّم أداء الحجيج لمناسكهم، وإصراره على استثمار المناسبة الدينية في تسيير مظاهرات، ورفع شعارات سياسية وصور للمقبور الخميني، ما اضطر رجال الأمن إلى التصدي للعناصر الإيرانية وتأديبها، فإيران من تجاربنا معها لا يمكن أن تتوقف عن عبثها بأمن بلادنا إلا بهذه القوة، وبهذا الأسلوب الصارم في مواجهة التهور الإيراني غير المبرر.
**
لاحظنا ذلك أيضاً في تدخلها في البحرين واليمن، وقبل ذلك في العراق، وكان الموقف السعودي واضحاً ومعلناً، وهو التصدي بالقوة المناسبة لمنع التدخل الإيراني في شؤون الدول الشقيقة، فتدخلت الرياض دعماً للعراق، في حرب السنوات الثماني بين بغداد وطهران، وتكرر الموقف ذاته في البحرين فتحركت قوة من درع الجزيرة بقيادة المملكة؛ للحيلولة دون إنجاح المسعى الإيراني في فرض سياسة الأمر الواقع على البحرين، ومثل ذلك ما يجري الآن في اليمن، فالتدخل السعودي على رأس التحالف العربي منع الحوثيين من تحويل صنعاء إلى عاصمة إيرانية.
**
وتبريد الحديد - كما يقولون - للعلاقة السعودية - الإيرانية لن يتحقق ما لم تذعن إيران لإملاءات العقلاء في دول المنطقة وعلى رأسها المملكة، وتوقف تدخلها في شؤون دولنا، وتمتنع عن دعم عملائها الراغبين في الاستيلاء على أنظمة الحكم وإحداث فوضى وحروب أهلية في مجتمعاتنا تمهيداً للاستيلاء على كل مقدرات الأمور، وجعل التحكُّم بها وتوجيهها يتم من طهران وليس من العواصم العربية.
**
لكن علينا أن نفرِّق بين نظام ولاية الفقيه الذي يعتمد في تصرفاته على عقليات متخلفة، وبين الشعب الإيراني المسلم، بين نظام عقيم لا يحسن إدارة العمل ولا التعامل أو التعاون مع الدول الأخرى، وبين شعب مقهور ومظلوم ويعامله النظام بالحديد والنار إذا ما فكر في إعلاء صوته رفضاً واحتجاجاً على سياسة البطش التي يمارسها هذا النظام المستبد ضد الشعب المحروم من حقوقه.
**
نحن متفائلون، بأن هذا النظام القمعي التسلطي الظالم لن يطول ليله، ولن يستمر كما هو حاله اليوم، يعبث بمقدرات الشعب الإيراني في مؤامرات ضد الشعوب الأخرى، بينما يعيش المواطن الإيراني في أسوأ أحواله المعيشية، وتفتقر بلاده إلى أدنى مشروعات التنمية، فيما توظَّف إمكانات الدولة في التآمر الوقح على الدول المجاورة، في مسعى توسعي ليس هناك من مصلحة للشعب الإيراني فيه أو فائدة منه.