د. محمد عبدالله الخازم
أسس منتدى القيادات الصحية بمدينة الملك فهد الطبية عام 2006م، بهدف استعراض خبرات القيادات الصحية المعروفة، وبالذات كون المدينة الطبية تمر بمرحلة التأسيس وسيكون مفيداً لقياداتها التعرّف على التجارب والخبرات من خلال القيادات الصحية المعروفة. بالتأكيد كان هناك بعد إعلامي باعتبار أغلب ضيوف المنتدى هم من الشخصيات القيادية المعروفة ومن الطبيعي أن يكون للإعلام حضوره في هكذا حوارات ولقاءات. كان الضيف الأول للملتقى سمو الأمير سلطان بن سلمان باعتباره معنياً بقضايا أصحاب الإعاقات والسياحة الصحية، وبعد ذلك تمت استضافة أصحاب المعالي وزراء الصحة السابقين؛ د. جميل الحجيلان، د. حسين الجزائري، د. أسامة شبكشي، وعدد من الشخصيات القيادية الأخرى مثل د. عبدالرحمن السويلم، د. فهد العبدالجبار، د. حسين الفريحي، د. عبدالله الربيعة، د. كتاب العتيبي وغيرهم مما قد لا يحضرني اسمه. توقف المنتدى لفترة ثم عاد بوجه جديد تمثَّل في اختيار موضوع محدد وإحضار أكثر من ضيف للحديث عنه، ومن ضمن ذلك عقد لقاء حول حقوق المرضى كان ضيوفه رئيس جمعية حقوق الإنسان، د. مفلح القحطاني، ونائب وزير الصحة آنذاك، د. محمد خشيم، وكاتبكم. سجّل اللقاء وعرض بالقناة الأولى وكان صداه طيباً، وللأسف كان آخر لقاءات المنتدى، دون معرفة أسباب توقفه..
المنتدى تجاوز تكريم القيادات أصحاب الخبرات العريضة إلى استنباط آرائهم وتجاربهم ومواقفهم التاريخية، ولدى مدينة الملك فهد الطبية تسجيل لبعض مكوناته، وقد استفدنا من بعضها في توثيق تاريخ الخدمات الصحية في كتابنا «المشهد الصحي السعودي» والذي تم تأليفه بالمشاركة مع الزميلة د. حنان الأحمدي كجزء من المواد الرافدة للحوار الوطني المتعلّق بالخدمات الصحية حينها. كان من ضمن الأفكار التي قدّمت في بداية المنتدى تأسيس جائزة القيادات الصحية باسم الراحل سمو الأمير عبدالله الفيصل، باعتباره أول وزير صحة سعودي. تلك الفكرة لم يُكتب لها التنفيذ وبقيت مجرد طرح إعلامي وقتها. فكرة تكريم وإبراز القيادات الصحية المتميزة فكرة تكرر بين حين وآخر وسمعنا مؤخراً بتبني إحدى الجهات تأسيس جائزة للمبرزين في المجال الصحي وقبل ذلك أسست جائزة الأمير سلطان بن عبدالعزيز - رحمه الله- في المجال الصحي، لكنها توارت ولم تستمر.
كانت الخدمات الصحية تمر بإرهاصات تغيّر الأنظمة والمدينة الطبية تحديداً كانت في بدايات التأسيس وتتلمس موقعها القيادي على مستوى وزارة الصحة والقطاع الصحي السعودي بصفة عامة، وبالتالي كانت تلك اللقاءات مفيدة في نقاش التحولات التنظيمية الصحية وإشراك القيادات النيِّرة والخبيرة فيها. الفكرة التي أطرحها هنا، بعد الشرح أعلاه، هي أننا نمر بتحولات ونسمع عن توجهات عديدة في تغيير النظام الصحي وآليات تشغيله وتمويله، ولكننا نفتقر للنقاش الحر العلني حولها، وعليه نحتاج لإعادة منتدى القيادات الصحية الشهري، أو ما يشبهه، عن طريق مدينة الملك فهد الطبية أو جهة أخرى، ليتم من خلاله قراءة التحولات والتوجهات الإدارية الصحية. التعرّف على التجارب وسماع الآراء والحوار وسيلة حضارية نحتاج إليها دائماً؛ يحتاج لها صانع القرار للتعرّف على مختلف الآراء ويحتاج لها المتلقي ليكون شريكاً في فهم وتقبل التغييرات الحاصلة.