د.عبدالعزيز الجار الله
بهذه الكلمات صاغ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - المرحلة الحالية والقادمة بقوله: (... المهرجان الوطني للتراث والثقافة في دورته الثانية والثلاثين، الذي يجسد تراث المملكة وثقافتها، ويعبر عن رغبتنا المشتركة في تعزيز التفاعل بين الثقافات العالمية المختلفة، لتحقيق التعايش والتسامح بين الشعوب على أسس إنسانية مشتركة،... إننا نؤكد على أهمية البعد الإنساني المشترك في كل ثقافة بعيداً عن مفهوم صدام الثقافات، لقد أصبح البعد الثقافي مرتكزاً أساسياً في العلاقات بين الدول والشعوب). انتهى، كلمة خادم الحرمين الشريفين لضيوف مهرجان الجنادرية 32 عام 2018م بالرياض. إن ترحيب خادم الحرمين الشريفين بجموع ضيوف الجنادرية من كل جنسيات العالم تحول إلى لقاء سنوي للنخب السياسية والأكاديمية والعلمية والاقتصادية ليؤكد ما ترسمه سياسة المملكة التي ترتكز على البعد الإنساني المشترك في كل ثقافة، بعيداً عن مفهوم صدام الثقافات وحالة الحروب بين الحضارات.
في الواقع أن بلادنا تحملت أكثر من غيرها من الدول ظلم مصطلح ونظرية صدام أو صراع الحضارة البديل بين صراع الغرب والاتحاد السوفييتي السابق، ليصاغ صراع الغرب وروسيا ضد الإسلام، حيث ظهر -صراع وصدام الحضارات - بالبدء مقالاً صحفياً عام 1993م بعد احتلال العراق للكويت، ثم كتاباً عام 1996م ليزداد تركيز هذه النظرية على بلادنا بعد أحداث 11سبتمبر 2001م التفجيرات في أمريكا، وانتقلت النظرية من حرب ومعادات الدول الإسلامية إلى معادات الشعوب والثقافة الإسلامية، ثم تم اختصارها وقصرها على الدول العربية والشعوب السنية المذهب، وتم التركيز على السعودية والخليج وكأن مصطلح صدام الحضارات معني به السعودية والخليج.
وبالطبع تحملنا كيل الاتهامات والتلفيق والادعاءات والتزوير في الحقائق والتاريخ، وصمدنا أمام الهجوم الغربي ومن إيران وإسرائيل ومن عرب معادين لنا، حتى استطعنا إقناع العالم بكذب هذا الادعاء وما الصق بِنَا من افتراءات وقلب للحقائق، وهنا تم إسماع ضيوف الجنادرية أن المملكة تؤكد على أهمية البعد الإنساني المشترك في كل ثقافة، بعيداً عن مفهوم صدام الثقافات. وأيضاً بعيداً عن صدام وصراع الحضارات، فالحضارة الإسلامية قادت العالم إلى السلام والعدالة وأبقت على البعد الإنساني المشترك في كل ثقافة، واحترمت الشعوب والديانات والثقافات، لذا انتشر الإسلام منذ زمن مبكّر وحتى الآن عبر ثقافته وحضارته وعدالته.